الأحد، 2 يونيو 2019

ذو حظ عظيم







مع تفشي القطيعة وانتشار التدابر والتباغض ، لعوامل مختلفة وتحول الحياة إلى صراعات متنوعة ، ولأن هذا السلوك قد تجده من ذي رحم أو قريب أو صديق أو جار ، ولا تخلو الحياة من صراع في المجتمع الأسري أو المحيط الاجتماعي ؛ لهذا عالج القرآن هذه القضية حفاظا على النسيج الأسري والبناء الاجتماعي .
نهى الإسلام عن قطيعة الرحم مهما كانت حدة الخلاف ، واعتبرها من الإفساد في الأرض ، وعد القاطعين لأرحامهم مفسدين " بنص الآية " وتوعدهم الله باللعنة وسوء الدار ،. قال تعالى ( وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرض أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ ٱلدَّارِ ) هذا الوعيد وهذا الجزاء بسوء الخاتمة ليس سهلا على الإطلاق .
لقد أصل القرآن علاجا لهذه الحالات يتمثل في القاعدة التربوية القرآنية ، في تعامل المسلم مع الآخرين في محيطه الاجتماعي ، في قوله تعالى ( وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ )
ادفع بالتي هي أحسن أي بالصبر والحلم والعفو ، وأن لاترد على الإساءة بمثلها ، وان تفعل الخير ما ستطعت وترد بالتي هي أحسن ، وهذا من فيض العفو والصفح وقوة التحمل والصبر . فإن الصبر على سوء الخلق والفعل القبيح ، وعدم مجاراته بالسفه والإيذاء هو من الدفع بالتي هي أحسن .
إن هذا السمو الأخلاقي وهذه الصفات الكريمة والعظيمة ،المتمثلة بالصبر على المكاره ومشاق الأذى ، وسوء الخلق هي من طبيعة الكرماء العظماء ، قال الزجاج وما يلقاها أي " فضيلة الصبر " - على تحمل المكاره وتجرع الشدائد ، وكظم الغيظ - إلا ذو حظ عظيم من قوة النفس ، وصفاء الجوهر وطهارة الذات ، ومايلقاها إلا ذو حظ عظيم من الأخلاق الفاضلة التي يكون جزائها الجنة .
إن القدرة على الصفح ودفع الأذى ليس بالحسنى فحسب بل بالتي هي أحسن هذه القدرة هي أعظم ما يوهب للإنسان من فضيلة ، لأن هذا يهدئ سخائم النفوس ، وزخم التباغض والتدابر . في الحديث الشريف (" أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَكْرَمِ أَخْلاقِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ , وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ , وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ ) إن مثل هذه الأخلاق الفاضلة هي الحظ العظيم الذي يستحق به الإنسان التكريم في الدنيا و الآخرة .
هذه القاعدة التربوية القرآنية تقوي روابط المجتمع وبنائه الاجتماعي وتبني العلاقات الأسرية ، وتعين على صلة الرحم ، وتردم هاوية الجفاء ، وتصل ما أمر الله به أن يوصل ، وتبني شجرة الحب ، والتآلف والتسامح ، لهذا وصف الله المحظوظ بهذه الصفة بأنه ذو حظ عظيم .

نشر بصحيفة المجاردة 29/9/1440
2/6/2019
http://almajardh.com/articles/215383.html

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...