الأحد، 5 نوفمبر 2017

لاتحزني



هلت دموع الرحماء وتساقطت من الأعماق ؛ لما أصاب طفلة جيزان "رهام الحكمي ". طفلة في عمر الزهور تُغدر بدماء مسمومة و بوقاحة لامسؤولة ، ولك أن تنظر لمثل عمرها وقد حُقنت بالموت بلا ثمن ، لك أن تنظر إلى تلك الدموع وذاك الحزن وصوت الأنين بوقع الألم في عيون مثلها حين تذهب حياتها هدرا .

لاتحزني يابنيتي . فإن من اغتال طفولتك يعيش ويستمتع وينتشي بموت الضمير ، وأزمة الأخلاق الخانقة ، وهو الذي لم يشعر يوما بالمحاسبة ؛ ليصول ويجول كوحش كاسر بلا مدافعة أو مراقبة ، أو معاتبة ، ليكون له كل يوم فاجعة ، ومصيبة ليس لها راجعه .

لاتحزني يابنيتي . فهذا الفساد المستشري - من سوء الإدارة ، وقلة الكفاءة ،واليد المغلولة إلى الأعناق لمناطق بعينها ، والبذخ على مناطق أخرى - حطم الإنسان ، وقتله بدم بارد ، كمسخ مشوه عبث بحياته الفاسدون والمحتالون والرأسماليون والراقصون على جراح البائسين ورموا به كعجز نخلة خاوية .

لاتحزني يابنيتي . فلست أول ضحية ، وربما لن تكون الآخرة ، فكم دمر من آمال وسرق من أعوام وقتل من طموح وكم نحر الإهمال من أبناء المجتمع ، وكم عاث الجشع والفساد والتفاوت الطبقي المقيت ، في الأرض الخراب لاتحزني يابنيتي . لأن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأن مع العسر يسرا ، وأن الله مع الصابرين ، كل ذلك إيمانا ويقينا ً بقضاء الله وقدره ، وأنت مؤمنة ، وكلنا مؤمنون بأن "من يعمل مثقال ذرة شرا يره " ، وأن دعوة المظلوم مهما تغافلها الظالم لا يغفل الله عنها، وهو القائل عز وجل : ( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) لاتحزني يابنيتي . فأنتِ في قلوب الرحماء ، وقد تعاطفت معك الناس كبارهم ، والدهماء ، وقد جابت قصتك أصقاع الأرض ، وعلمت بك كل المنظمات والهيئات الدولية والعالمية ، وأنتِ في قلوب القادة من هذا البلد ، ولا شك أنهم لك ناصرون ، وتأكدي أن الكل يقف معك ، القادة والشعب ، وشرفاء العالم ، والقلوب العظيمة ، والأيادي الرحيمة ، ومن قبل ذلك ومن بعده ثقي بأن الله معك فهو " يسمع ويرى " .


نشر في صحيفة المجاردة في 20/2/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...