الأحد، 5 نوفمبر 2017

من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟






الفساد المالي واستغلال المال العام من أجل المنفعة الخاصة أشد أنواع الفساد تدميرا للمجتمعات ، هذا النوع من الفساد ليس له عنوان أو عمر أو منصب ، إنه بلاء ووبال يصيب المجتمعات في كل أصقاع الدنيا ، يزيد بضعف التشريعات والرقابة ، وينقص بقوة المجتمع المدني ، وحرية التعبير ، وقوة الرقابة ، واستقلال القضاء من أين لك هذا ؟ سؤال حاضر في ذهن المجتمع حول كل متغول في المال الحرام ، ولم تردعه الخشية من الله ، أو من الناس حين يباهي بثروته وعقاراته ، وهو من كان إلى وقت قريب من أولي الدخل المحدود ، كيف هبطت هذه الثروة على هذا الرجل وحده ، مع أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ، لكن حين تدقق النظر في أسباب تلك الثروة المفاجئة ؛ تجد كسبا غير مشروع كان يهطل بأكثر من ذلك .

في المجتمعات الذي تضعف فيها الرقابة ، ويظهر مثل هؤلاء اللصوص ، يبقى دور الإعلام النزيه البحث عن الحقيقة وتعرية الفساد و الفاسدين ، ونشر قضايا الفساد والتشهير بها ، بدلا من تلميعهم وتصويرهم ، وهم يمثلون على المجتمع بسماجة وسذاجة دور العصاميين ، فيما المجتمع يعرف حقيقة أمرهم ، إنهم ثلة من الفاسدين ولصوص المال العام ، وشرذمة قليلة من المحتالين على مجتمعاتهم ، وولاة أمرهم الذين أولوهم الثقة ، فتلاعبوا بحقوق الناس .

إن مما يزيد الأسف أن يشترك بعضٌ ممن يُظن فيهم الصلاح وحسن السيرة - ربما بحسن النية وجهلاً بأحوال أولئك - أن يشترك مع أولئك اللصوص ، ويضعوا أيديهم في أيديهم ، فيصيبهم شئ مما أصاب القوم من سوء السمعة ، وقذارة السيرة ، و سوء المسلك .

تماما كحامل المسك ونافخ الكير ، ولكن الكير هنا جريمة تهدد أمن المجتمع برمته ، والصاحب ساحب ، لكن السحب هنا غير السحب هناك ، فالسحب هنا إلى بيع الدين بعرض من الدنيا ، وخيانة الوطن ، وخيانة الثقة وخيانة المجتمع .، وهي خيانات ، وظلمات بعضها فوق بعض ، بدايتها موت الضمير و نهايتها سوء المصير .

إن مجتمعنا والحمد لله ينعم بخير كثير ، وأمن واستقرار كبير ، إلا أنه كباقي المجتمعات لابد أن يظهر فيه شئ من تلك الصور القبيحة للفساد ؛ لذلك نذكر كل من يؤمن بالله واليوم الآخر ، ممن أبتلي بهذا البلاء، أنك مهما استطعت التحايل على الناس فلا تنسى أنك تحت عين رب الناس ، إنه معنا يسمع ويرى - سبحانه -. إن الحياة قصيرة ، ومهما بلغ الإنسان من العمر سيلقى ربه يوما ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) فحينها يقف المسلم أمام ربه حائرا ، في ذلك الموقف العظيم ، أمام السؤال الكبير حول حقوق الناس و تلك الثروة ، وهذا المال من أين أكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ .


نشر في صحيفة المجاردة في 8/2/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...