الأحد، 5 نوفمبر 2017

من ذي الخويصرة إلى داعش

خروج الفرقة المسماة داعش ليس أمرا مستحدثا في التاريخ الإسلامي ، فداعش معتقد قديم وفكرة ودعوة تاريخية وتصور خارج عن جماعة المسلمين ومخالف لهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك حذر منها عليه الصلاة السلام من بواكير الظهور . 

وقد ظهرت هذه الفرقة الضالة في التاريخ بأسماء عدة منها : الخوارج ، الحرورية ، المارقة ، المحكمة ، ...الخ تلك المسميات وصولا إلى داعش . وفي كل زمان تظهر باسم مختلف لكن المعتقد والأفكار والجذور والممارسات واحدة ، مع اختلاف الأدوات . 

وفي كل خروج لهذه الفرقة على أمة الإسلام يقف لها علماء الإسلام الربانيون بالمرصاد فيبينون ضلالها ويكشفون زيف دعاوها وعوارها ، و تبقى وتتمدد كأي فكرة أو دعوة مُضلِلة لها منظرون ومحرضون ومقاتلون ومحامون ومعجبون وجماهير . 

ومنذ أن وقف ذو الخويصرة التميمي أمام النبي صلى الله عليه وسلم يتهمه بعدم العدل حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفرقة المنحرفة فقال في الحديث الذي أخرجه البخاري (... إن من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد). 


وقد خسر المسلمون بأفكار هذه الفرقة الضالة أثنين من الخلفاء الراشدين هما عثمان وعلى رضي الله عنهما ، واستمرت هذه الفرقة خنجرا مسموما في خاصرة الخلافة الأموية وبقيت معها في صراع وقتال مرير طوال فترة حكمها ، ومضت الخلافة العباسية على نفس النهج في قتالها أيضا . ذلك لأن هذا المعتقد المنحرف -عن المنهج النبوي و السنة النبوية المطهرة - مدمر لكل المعاني الإنسانية والثقافية والجمالية والعمرانية ، فسوطهم التكفير ، وموردهم القتل لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، ولا يرحمون طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا معاهدا ، حياتهم قائمة على التدمير والقتل ، والنهب ، والخراب . 

وخطورة هذه الفرقة عن غيرها أنها تدثرت بدثار السنة وتشبهت بأهلها وهي منها براء براءة الذئب من دم يوسف ، وهذا خطأ ترتكبه بعض وسائل الإعلام لخلط الأوراق باعتبار أن هذه الفرقة من أهل السنة وتطلق عليها الإسلام السني المتطرف . وهذا جهل وظلم وزور ، فأهل السنة لا ينهجون منهجهم ولا يعتقدون اعتقادهم في التكفير ولا يرون صوابهم . في نحر وإحراق الناس ، وتفجير المساجد ، والاعتداء على الآمنين و المعاهدين ، وقتل العباد وتخريب البلاد. 

ولهذا فالواجب على الجميع التحذير من خطرهم ، وبيان عوار فكرهم على كل قادر وبكل وسيلة ممكنة ، والحرص على الشباب من الانخراط في مهالك هذه الجماعات المهلكة ، فإن لهم طرقا ومواقع جاذبة وناشطة في إثارة حماسة الشباب وتأجيج عواطفهم وتوجيههم نحو سفك دماء مجتمعاتهم وتدميرها . وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفرقة وتصدت لها كل دول الإسلام عبر تاريخها منذ نشأة تلك الفرقة عند ذي الخويصرة وصولا إلى داعش .
نشر في صحيفة المجاردة بتاريخ 24/6/1415

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...