هل فقدنا بساطة الحياة ؟ وهل نحن مُستَهلِكون أم مُستهَلَكون ؟ الطبقة المتوسطة بالذات ليست فقيرة بشكل عام ، لكن الإسراف للخيلاء والتقليد الضار سلبتها متعة البساطة في الحياة ، واستنفدت طاقتها واستهلكت زينة أيامها في ضرورات لم تكن لتأخذ كل هذا الجهد والمال والعمر الطويل في قضاء مديونياتها ؛ لو سارت كما أراد الله لها أن تكون لذا ؛ تحولت من حياة بسيطة جميلة إلى حياة استهلاكية معقدة ، مُستهلِكة أعمار البشر في التباهي والتقليد ، معتمدة الإسراف والمخيلة في ضروريات حياتها .
ومن أمثلة ذلك : ضرورة بناء الأسرة . فبناء الأسرة في الإسلام – وأحسبها في كل الشرائع السماوية – بسيط غاية البساطة أو هكذا ينبغي أن يكون ، خال من كل تعقيد ؛ بناء على التعاليم والوصايا النبوية ،لأن حفظ النوع البشري مقصد من مقاصد الشريعة ، ففي السنة النبوية ” أولم ولو بشاة ” فإن لم يكن ..” بمد ..من شعير ” أو “خاتم من حديد ” أو بفاتحة الكتاب . هكذا فقط . وبكل بساطة .
لكن ما يحدث في واقعنا خلاف ذلك ، فمن بداية حياة الإنسان في البحث عن شريك لحياته ،يبدأ مشوار الدخول في متاهات من الإسراف والفخر والخيلاء ، ويبدأ الإنسان المتوسط الدخل في دهاليز الديون المركبة ونهرالإسراف الكبير الذي يستهلك عمره في تسديد قروضه ، بينما نهت الشرائع السماوية عن هذا الإسراف ، والشريعة الإسلامية على وجه الخصوص تجعل المبذرين إخوان الشياطين .
وتأتي الضرورة الأخرى لحياة الإنسان في أهمية مسكن لائق ولتحقيق هذا يتكلف من أجله ما لا يطيق ، ويحمل ديونا لا طاقة له بها ينوء بحملها العصبة أولي القوة ، وليس ذاك لأجل سد حاجة المسكن فقط ؛ فإن هذه الحاجة الإنسانية الماسة يمكن سدها بالقليل من المال لو كان الاحتياج فقط هو المعول عليه ، ولكن الفخر والخيلاء استقطعت النصيب الأكبر من الأموال ، وساهمت في صنع أثقل الديون وأشد الأغلال قسوة على مر التاريخ ، وحولت الميسورين إلى معوزين منهكين و استهلكت عمر الإنسان ، وأفقدته متعة العيش ورفاهية الحياة .
وأترك لك النظر في بقية الأشياء التي استهلكت حياة الناس للعيش بترف زائف مفرط في الديون ، مظهره الرفاهية وعمقه التعاسة والكآبة والقطيعة والحرمان وفقد الحرية ، والعيش النكد ،ولك أن تتخيل لو أنه عاش حياته ببساطة بلا تكلف كما يعيش بسطاء البشر في هذا العالم ، كيف ستكون متعة الحياة ؟ وكيف ستكون نفسه مطمئنة راضية ملؤها السكينة ، الحب ، السلام ، والحرية .
نشر في المجاردة اليوم 23/10/2017
نشر في المجاردة اليوم 23/10/2017
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق