السبت، 22 فبراير 2020

الهوس ..ألم الاعجاب





يعد  الهوس أحد أعراض اضطرابات الشخصية ، وهو حالة من المبالغة الشديدة في التعبير أو التعلق بالأشياء والنظر إليها ،وتختلف  شدته بين الخفيف والمتوسط والشديد ،  و يرتبط الهوس  بحالات اكتئاب واضطرابات  أخرى ، وقد يكون معزولا عنها ،  وفي الحالتين يدل على  اضطراب وخلل في سمات شخصية  المصاب  الذي لا يعي بحالته المرضية ففي الوقت الذي يرى نفسه يتصرف بطريقة عادية وطبيعية   يراه الآخرون يتصرف بطريقة غير طبيعية   . وبالمثال يتضح المقال  : 

1- هوس الشهرة : يميل الإنسان بطبعه للثناء والذكر الحسن وهذا أمر طبيعي و محمود في مجمله ، لكن الأمر حين يكون ولعا شديد مبالغا فيه إلى درجة أن بعض هؤلاء  المولعين بالشهرة في المجتمعات العربية والإسلامية  يخرج عن أطر الأخلاق والآداب العامة ويتعدى على المقدسات وعلى أعراف المجتمع الفاضلة - من أجل الشهرة وحب الظهور ولفت الانتباه بأي طريق وبأي شكل كان دون مراعاة لتلك الأطر العامة .هنا يتحول إلى حالة مرضية .

هذا الهوس قد تعود أسبابه إلى عوامل مختلفة من بينها حاجة ماسة  لتقدير الذات وطلب المكانة ، استجداء الثناء والاعجاب ، طلب زيادة المتابعين للحصول على المال بأي طريق وبأي ثمن . يرتبط  هوس الشهرة بالعديد من الاضطرابات كالاكتئاب ، فرط الحركة وتشتت الانتباه ، جنون العظمة ، والوساوس القهرية ، والاضطراب ثنائي القطب وذلك للضغوط النفسية التي التي يتعرض لها المصابون بهذا الهوس طوال الوقت ، والتي تستدعي الظهور الدائم للجمهور بمظهر  ، يخالف حقيقة واقعهم وما هم عليه في حقيقة الأمر ، ناهيك عن بعض المخالفات القانونية والنظامية  التي يقترفونها  نتيجة تلك الضغوط تلبية لتلك الرغبة الملحة والجامحة في الظهور .

2- الهوس بالمشاهير ..وهو تعلق مرضي يعده الاخصائيون من ضمن الطيف الوسواسي  الذي يصور المشهور بأنه إنسان خارق للعادة ؛  ولهذا فهو دائم الحديث عنه ومستمر في متابعتة ومعرفة أخباره وتفاصيل حياته الشخصية  ، وينتظر اللحظة التي يراه فيها على أرض الواقع بفارغ الصبر . 
يفسر  بعض الباحثين سبب متلازمة الهوس بالمشاهير  بأنها هروبا من واقع إلى صورة مثال متخيل للنجاح ، وهو نوع من التخيلات والأوهام الو سواسية ؛   ولهذا لا تستغرب حالة البكاء والهيجان عند رؤية المشهور من أولئك المصابين بالهوس . وفي بعض الحالات قد يعرض المصاب  نفسه  أو من يعجب به للخطر فقد يحاول المصاب  الانتحار عندما يتجاهله من تعلق به ،  أو قد يحاول إيذاء المشهور حين يتجاهله  ، ولهذا قد تجد تفسيرا لحالات التعدي والتجاوز على المشاهير في المسارح ومنصات الاحتفال من مصابين بهذا الاضطراب ، وقد سمي  هذا الاضطراب " باسم متلازمة عبادة المشاهير . 

الأسباب والأعراض : تختلف  أسباب الهوس   بين   وراثية جينية ،  و مكتسبة  ، وتختلف الأعراض  من شعور عارض بالسعادة ، وقلة ساعات النوم وانفعال شديد وسرعة في الغضب ، مع سلوك اندفاعي وفرط في الحركة والطاقة مع تشتت التركيز وأوهام بالعظمة ، أيضا يتسم مصاب الهوس بأفكار متسارعة وتصورات خاطئة مع ثرثرة وكلام متناثر وسريع  مع حب الاستمرار في الحديث دون انقطاع ، وافراط في تفسير الوقائع واشارات باليدين غير منتظمة .. يصل في تنوعه إلى أكثر من 50 نوعا من أنواع الهوس  ..ويخرج الإنسان من تصرفاته المعتادة  . وهو حالة مرضية تستدعي العلاج  .

الأحد، 16 فبراير 2020

الوباء النفسي الخفي

في عام 2018 قررت الحكومة البريطانية تعيين الوزيرة " Tracey Crouch" تريسي كراوتش لمكافحة آثار الوحدة والعزلة الاجتماعية ،كان ذلك بناء على مبادرة من لجنة كوكس وهي الجهات المستقلة التي تكونت بمشاركة عدد من نواب البرلمان البريطاني و 13 من الجمعيات الأهلية والخيرية المهتمة بمكافحة خطر الوحدة والعزلة الاجتماعية . فهل يعد هذا الأمر وباء وخطرا قاتلا يستدعي كل هذا الاهتمام ؟
فبحسب باحثين تعد الوحدة والعزلة الاجتماعية أشد خطرا من التدخين والسمنة وتتسبب في أمراض القلب والسكتة الدماغية وارتفاع ضغط الدم والاكتئاب وضعف المناعة والأمراض السرطانية وتزيد نسبة الوفاة ب30% ، وهذا ما أشار إليه د.عبدالهادي مصباح أستاذ المناعة وزميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة .
في مجلة PSPBوهي مجلة معنية بالشخصية وعلم النفس الاجتماعي نشرت دراسة أجريت على أكثر من 200شخص تتراوح أعمارهم بين 50-68سنة وخلصت إلى أن الذين يعانون الوحدة أصبحوا أكثر أنانية من غيرهم إضافة إلى ازدياد القلق والضغط النفسي مما ينعكس على صحة القلب والجهاز العصبي والدماغ . وتم نشرها في وسائل إعلام متعددة .
وفي ملخص لنتائج 148 دراسة امتدت 7 سنوات شملت مواطنون من أمريكا وأوروبا وآسيا نقلت أ. عبير فؤاد في مقال على موقع للعلم تحت عنوان ( ( الوحدة والعزلة الاجتماعية.. القاتلون الجدد )) عن د. جوليان هولت لونستاد -أستاذ علم النفس والأعصاب، بجامعة بريجهام يونج بالولايات المتحدة الأمريكية-" قوله : إن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية يكون لديهم احتمالية أكبر للبقاء بنسبة 50 % مقارنة بنظرائهم
وفي تجربة حول خطر الوحدة والعزلة ذكر موقع DW الألماني قيام علماء بإجراء تجربة على شخصين لقياس نسبة التوتر لديهما عن طريق اللعاب لمعرفة نسبة هرمونات الاجهاد لدى كل منهما ، والنتيجة أن الشخص الذي ينعم بعلاقات اجتماعية حميمة ارتفعت لديه نسبة الكورتيزول باعتدال ، بينما الشخص الذي يعاني الوحدة كانت نسبة الكورتيزول لديه مرتفعة ليحصل الجسم على امدادات لمواجهة أعراض صحية محتملة ، فيقل النوم وترتفع نسبة السكر والضغط كما تتدنى كفاءة جهاز المناعة لذلك السبب .
يفرق الباحثون بين الوحدة والعزلة الاجتماعية في أن العزلة الاجتماعية هي البعد المادي عن الآخرين وانقطاع وسائل التواصل بينما يعرفون الوحدة بأنه شعور بعدم من يتفهمك ويشاركك الاهتمامات ، وفيها لا يحصل على إشباع نفسي مرضي للتواصل الودي مع الآخرين حتى لوكان في جمع من الناس . ويعدونها في حال استمرارها لفترات طويلة حالة مرضية قاسية .
الإنسان كائن اجتماعي وخلق ليعيش في جماعات ولم يخلق ليعيش منفردا ؛ ولذلك تجده يتمثل كل وسائل الاجتماع ويحرص على تكوينها خاصة تلك التي تعبر عن حياة الناس وتعبر عن الحاجة للانتماء .
وبالرغم من التطور المذهل في وسائل التواصل الاجتماعي إلا إن اتساع فجوة الوحدة والانعزال آخذة في الازدياد، عزز هذا السلوك تجاه الوحدة والعزلة الاجتماعية تضخم المدن، وأوقات العمل الممتدة و الطويلة، والتعويض بالعالم الافتراضي -الذي قلل من أهمية التواصل الإنساني المباشر -، أيضا الصدمات النفسية والإحباط الاجتماعي وسيطرة الديون التي تؤدي لقلة ذات اليد في ظل كلفة عالية للقاءات الأسرية والاجتماعية في بعض المجتمعات. كل هذه الأسباب وغيرها ..أدت إلى...تفاقم خطر الوحدة والعزلة الاجتماعية وبات وباء يهدد المجتمعات العربية ، في ظل مسار عالمي يتجه نحو حياة العزلة والوحدة وتفكيك الإنسان . دون إدراك كاف لخطر هذا القاتل الخفي للصحة الجسمية والنفسية للفرد والمجتمع .

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...