السبت، 26 مايو 2012

صاحب الفضائل


للسفر محاسن وفوائد جمة تعود على الفرد والمجتمع بالنفع . وهو خروج من مألوف المكان والإنسان والعادات والأفكار وفيه ترويح وتجارة وفتح صفحة جديدة في كتاب الحياة الواسع وهو علم وثقافة وتأمل في خلق الله وملكوته وفيه دعوة مستجابة .
فالمكان والزمان لكل منهما ضغطه واشكالاته ، وطاقته ، وخرائط أعرافه الضاغطة ،التي لا تخلو من مشكلات تضاف على عاتق الإنسان فترهق كاهله ؛لتأثر سلبا على صحته الجسدية والنفسية ، ولهذا كان السفر مرغبا فيه؛ للخروج من هذه الأزمات والضغوط المتلاحقة التي تطارد الإنسان خلال مكثه ومسيرته في مكان واحد .


السفر خروج إلى العناية و السعة . فإنسان المناطق المغلقة بكل أنواع الغلق- وهي التي تخلو من كل أنواع الأماكن المعدة للاجتماع الانساني العفوي من ميادين عامة فسيحة حيث يجتمع الناس بكل أصنافهم في أوقات فراغهم ، فتكون لهم أماكن نزهة وفسحة والتقاء وتختفي أيضا الحدائق العامة الحقيقية المبهجة ، وتختفي وسائل التثقيف والترفيه الأخرى من متاحف ، ومعارض محلية وفنية ومكتبات عامة ، وأندية للجميع ودور للمسرح والسينما وأماكن للممارسة النشاط الرياضي والاجتماعي و الفنون المختلفة


.- هذا الإنسان  هو أكثر الناس حاجة للسفر إن الإنسان حين يعيش في مثل هذا الجو الخانق يحتاج للتجديد والترويح ، والخروج إلى مناطق أكثر رحابة واتساعا وترحيبا وعناية بمطالبه النفسية وحاجاته الاجتماعية الملحة ، وهنا تكمن أهمية السفر . مع أننا لا نلغي الدور المميز لوزارة السياحة في العناية بالأطلال المختلفة فقط .




السفر خروج من مألوف العادات و الأفكار المتطرفة بأنواعها . حين يقف التفكير والاهتمام عند كثير من عامة المجتمع ،حول قضايا تافهة واهتمامات أقل ما يمكن أن توصف بأنها وضيعة .وهذا ما يسميه الكواكبي ( التسفل ) وهو ناتج عن ضيق مجالات النشاط الإنساني وتضييق أفق التفكير على فئة من الناس . 


أدى هذا إلى اهتمامات منحطة عند بعض الشباب وساعدت بعض القنوات القذرة على انتاج مسوقين لكل قبيح من التقاليد الوافدة ؛ ليتبعهم المستهلكون البلهاء بلا تفكير . وهنا تأتي أهمية السفر ليستفيق الإنسان الذي لم يخرج من الصندوق ويرى أن العالم لا يعيش من أجل هذه الاهتمامات الدنيا فقط ، وأن مجالات النشاط الإنساني غير محدودة ، و أفق التفكير واسع المدى . وأن كثيرا من البلاد تعتز بثقافتها وآدابها وتراثها ؛ فيضخ السفر أفكارا جديدة وصورا جديدة واهتمامات جديدة ليرقى بها في أحايين كثيرة .




السفر علم وثقافة . السفر من أجل طلب العلم مقصد نبيل ، وقد كان العلماء السابقين يرون السفر مناط ثقة العالم . وقالوا : " من لم يرحل فلا ثقة بعلمه " وقال الإمام يحيى بن معين :" أربعة لا تؤنس منهم رشدا " أي لا تبصر منهم خيرا ولانفعا وذكر الثلاثة ثم قال : " ورجل يكتب في بلده ولا يرحل في طلب الحديث " وقد كان السفر جزء أصيلا من حياة العلماء والمفكرين والأدباء والمؤرخين والشعراء ، حتى أن منهم من أمضى حياته متنقلا مسافرا بين البلدان .




وفي الختام أنقل لكم ما قاله العالم الحافظ الرامهرمزي في كتابه " المحدث الفاصل " عن فضائل السفر :يقول : ( لو عرف الطاعن على أهل الرحلة مقدار لذة الراحل في رحلته ، ونشاطه عند فصوله من وطنه ، والنظر إلى حدائق الأقطار وغياضها ، ورياضها ، وتصفح الوجوه ومشاهدة مالم يرمن عجائب البلدان واختلاف الألسنة ، والألوان ؛ لعلم أن لذات الدنيا في مجموعة محاسن تلك المشاهد ، وحلاوة تلك المناظر ، واقتناص تلك الفوائد ...الخ ) أنتهى .




نشر بصحيفة المجاردة الالكترونية  22/5/2012

السبت، 19 مايو 2012

لماذا نقصت دافعية التعلم ؟





نقص دافعية التعلم ظاهرة يشكو منها الكثير من أبناء المجتمع سواء من التربويين أو الأسر بما فيهم الطلاب وفي هذه العجالة نتلمس بعض الأسباب المؤدية إلى نقص دافعية المتعلمين والتي أصبحت ظاهرة مقلقة لكثير من أولياء أمور الطلاب .



في البداية لابد من إلقاء الضوء بشكل مبسط على مفهوم الدافعية حيث تعرف بأنها : الرغبة الداخلية الملحة في التعلم والإقبال عليه بدوافع ذاتية أو خارجية والالتزام بضوابطه لفترة طويلة . ويمكن تقسيم الأسباب التي تؤدي إلى نقص الدافعية إلى :

أولا: أسباب أسرية
تعتبر الأسرة المحضن الأول والرئيس في تنشئة المتعلم الأولى وتكوين الاتجاهات الصحيحة نحو العلم والتعلم . لكن بعض الأسر لا تولي هذا الجانب اهتماما يوازي أهميته فتهمل العناية بهذا الجانب وربما أهملت المتعلم نفسه إهمالا يصل لدرجة التسيب والضياع ، دون حرص ومتابعة وتوجيه ومساهمة في حل ما يعتريه من مشكلات أثناء عملية التعلم .

ويأتي النقد الهدام من ضمن الأسباب التي تجعل المتعلم يزهد في عملية التعلم برمتها حين يوصف المتعلم بألفاظ قاسية وتحقيرية تهدم ذاته وتهز ثقته بنفسه وتقلل من شأنه ، لنقص درجات مادة علمية ، أو بسبب موقف مدرسي وتأتي الفاظ مثل الوصف بالغباء أو عدم الفهم أو التبلد من الألفاظ التي الهادمة لشخصية المتعلم والمنفرة من عملية التعلم .كما أن رفع مستوى التوقعات المطلوبة من المتعلم إلى آفاق من التفوق تفوق قدراته تجعله محبطا ذي اتجاه سلبي نحو عملية التعلم ، فتنخفض دافعية التعلم ويتحول إلى شخص لامبالي . كما أن للصراعات الأسرية وانفصال الوالدين أثر على شخصية المتعلم وتشتيت انتباهه وصرفه عن العناية بالتعلم مما يؤدي إلى نقص دافعية التعلم .

ثانيا : أسباب متعلقة بالبيئة التعليمية

المقصود بالبيئة التعليمية " كل ما يتعلق بالنظام المدرسي من جملة الظروف المادية والإجرائية " ويأتي المعلم كعمود فقري للبيئة التعليمية وبيده شعلة الدافعية للمتعلمين والذي يستطيع أن يشعلها أو أن يسهم في خفوتها . فللمعلم كبير الأثر في زيادة الدافعية واستثارتها ومن هنا تكمن أهمية إعداد المعلم الكفؤ المنضبط الملتزم بأخلاق المهنة . إنه ذلك المعلم الذي يشتعل حماسا فيشعل لهيب الحماس فيمن حوله . وليس ذلك المعلم المحبط ،المهزوم نفسيا ، ضعيف المعلومات ، ناقص المهارات ، سيئ الأداء ، عديم الرؤية الصالحة ، المنشغل بكل القضايا والمهام سوى مهمته الأولى ( تربية الجيل ) إن هذا النوع الأخير من المعلمين من أسباب تدني الدافعية لدى المتعلمين .

ويأتي النظام المدرسي بهيكله الإداري ضمن الأسباب المؤدية إلى انخفاض دافعية المتعلمين ، فالمدير ووكلاء المدرسة والمرشدون الطلابيون ورائد النشاط كل أولئك حين يعتريهم الفتور والملل والتخاذل والكسل والتفريط ، وعدم العناية بالمتعلمين وأخذ مشكلاتهم التعليمية كبرت أو صغرت بعين الاهتمام  



 يؤدي هذا إلى تدني الدافعية بل قد يبعث مثل هذا الكسل والفتور برسالة سلبية غير مكتوبة ولا منطوقة ولكنها مفهومة مفادها أنكم أيها المتعلمون لستم في محور اهتمامنا ولسنا هنا من أجلكم ، ولا يهمنا مستواكم العلمي ، أو الأخلاقي بقدر ما يهمنا رسم صورة تجانب الحقيقة في كثير من جوانبها لإرضاء الزائرين .


وحين تصل هذه الرسالة إلى المتعلم يبدأ بدوره بالعزوف عن عملية التعلم وربما يتخذ موقفا سلبيا ، أو عدائيا تجاه هذه البيئة وهذا النظام المتخاذل المهمل المقصر في أعظم رسالة يحملها الإنسان .
هنا تتراجع دافعية المتعلم ويرسم في ذهنه صورة سلبية عن البيئة المدرسية التي يحاول الخلاص منها بأي شكل وفي أقرب فرصة .و يبقى هذا القصور محصورا في بعض المدارس وإن كثرت ، لكن لا يمكن تعميمه .

وتاتي بقية الظروف المادية والإجرائية الأخرى كعامل مؤثر في الدافعية لدى المتعلمين فالمباني المستأجرة وبخاصة في القرى والهجر التي لا تصلح للسكن الآدمي ناهيك عن كونها مدرسة . هذه المباني تفتقد لكل مقومات المكان الصالح للتعليم مع نقص حاد في التجهيزات المساعدة لممارسة النشاطات المختلفة الثقافية و الرياضية والفنية من مسرح ومعارض ، ومحاضرات 


  وحتى بعض المباني الحكومية ليست بمنأى عن النقص في تلك التجهيزات ، وليس بخاف على التربويين أثر تقنيات التعليم على الدافعية لدى المتعلمين ، ومع ذلك هناك قصور شديد في استخدام هذه التقنيات في كثير من المدارس لأسباب مختلفة .

وفي الختام لا بد من الإشارة إلى أن ماسلو العالم المعروف قد حدد الحاجات في هرمه الشهير بسبع حاجات نأخذها إجمالا على الترتيب : الحاجات الفيزيولوجية ، وحاجات الأمن ، وحاجات الحب والانتماء ، وحاجات احترام الذات ، وحاجة تحقيق الذات ، ثم تأتي بعد كل هذه الحاجات حاجة "المعرفة والفهم " ويليها الحاجات الجمالية - وهو يرى ضرورة اشباع الحاجات الدنيا للتمكن من اشباع الحاجات ذات المستوى الأعلى .



يضاف إلى ذلك أيضا أثر المنهاج ووسائل التقويم بساطة أو تعقيدا في إثارة الدافعية لدى المتعلمين ، ويبقى القول أننا نعيش عصر التقنية بينما تعيش بعض مدارسنا عصر ورق البردي ، فالإنترنت والألعاب الالكترونية جعلت من المتعلم يهمل جانب التعلم التقليدي الجاف ويتجه نحو المواد الأكثر إثارة وإشباعا .



نشر في صحيفة المجاردة الالكترونية

في 13/5/2012

الجمعة، 11 مايو 2012

من كافا إلى ..كافي


من كافا ..إلى ..كافي "Cafe"


من مقاطعة " كافا " بأثيوبيا ومدينة "جما" بالتحديد ظهر المشروب الذهبي الذي غزا العالم حتى أصبح ثاني أهم سلعة في العالم بعد النفط .


فقبل أكثر من 4000سنة اكتشف البن بالمصادفة ،ومع أن الروايات لاتثبت ولاتنفي خبر ذلك الراعي الذي أكتشف هذا النبات السحري ؛ إلا أن الحقيقة الثابتة أن هذا المشروب المستخلص من ثمار تلك الشجرة "القهوة " أصبح رمزا اجتماعيا هاما في مختلف أنحاء العالم . فماهي قصته ؟


تبدأ القصة حين حمل التجار العرب تلك النبتة من أرض مملكة أكسيوم ( أثيوبيا ) من مقاطعة كافا إلى مدينة ( المخا ) باليمن والتي تنسب إليها نوع القهوة (موكا ) حيث استنبتوها هناك وذلك في القرن الثاني بعد الميلاد ، وتقول رواية أخرى: أن أول من أحضرها من الحبشة إلى الجزيرة العربية مفتي عدن أبو عبدالله الذ بحاني حيث كان على علاقات واسعة مع التجار الأحباش في القرن التاسع الهجري .


ثم انتقلت إلى بقية الجزيرة العربية والشام عن طريق الرحلات التجارية وكان للعثمانيين دور بارز في نقل هذا المشروب إلى أوروبا من خلال حملات الجيش العثماني حيث أسموها كويف وأطلق عليها الإيطاليون ""Café كافي ثم استعملها الأنجليز بعد ذلك وانتشرت في كل بلدان أوروبا .

وقد حرمت الكنيسة الأوربية هذا المشروب القادم من الشرق وبدأ علماء مسلمون يتوجسون من هذا المشروب الساحر خيفة ثم عارض بعضهم تداوله ، ومن علماء اليمن من حرمه في بداية الأمر ، ثم سار في ركبهم بعض علماء الحجاز ومصر وعدوها نوعا من المسكرات ، وصدرت فتاوى في نجد تحرم شرب القهوة ، كما يذكر ذلك الأستاذ عبدالله العسكر في مقال له في جريدة الرياض ، وبقيت القهوة محرمة إلى منتصف القرن الثالث عشر الهجري .

انتشرت زراعة القهوة في أكثر من سبعين دولة ، وتصدرت البرازيل دول العالم في الإنتاج ، وتلتها دول مثل فيتنام وكولمبيا وأندونيسيا وأثيوبيا والهند والمكسيك و جواتيمالا ، وتنتج جمايكا أغلى أنواع البن في العالم ، حيث يزرع في الجبل الازرق ويبلغ سعر الكيلو 115 دولار ،ويعد من الأنواع النادرة في العالم .



للبن نوعان رئيسيان وهما : " أربيكا " و " روبوستا " ويعد ثلاثة أرباع البن المزروع في العالم من النوع " أربيكا " وهي شجرة البن العربية الأصل ، وتعتبر المرتفعات المطيرة أفضل البيئات لزراعة البن وتثمر الشجرة بعد 3سنوات وتنتج لمدة 50 سنة ولاتزال القهوة ""Café " القادمة من كافا من هضبة أثيوبيا هي المشروب الذهبي للمناسبات الاجتماعية على مختلف المستويات ، وهي كذلك سلعة رئيسة في البورصات الدولية ، وثاني أكبر سلعة متداولة بعد النفط .


نشر  بصحيفة المجاردة الإلكترونية  بتاريخ  4/5/2012

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...