السبت، 19 مايو 2012

لماذا نقصت دافعية التعلم ؟





نقص دافعية التعلم ظاهرة يشكو منها الكثير من أبناء المجتمع سواء من التربويين أو الأسر بما فيهم الطلاب وفي هذه العجالة نتلمس بعض الأسباب المؤدية إلى نقص دافعية المتعلمين والتي أصبحت ظاهرة مقلقة لكثير من أولياء أمور الطلاب .



في البداية لابد من إلقاء الضوء بشكل مبسط على مفهوم الدافعية حيث تعرف بأنها : الرغبة الداخلية الملحة في التعلم والإقبال عليه بدوافع ذاتية أو خارجية والالتزام بضوابطه لفترة طويلة . ويمكن تقسيم الأسباب التي تؤدي إلى نقص الدافعية إلى :

أولا: أسباب أسرية
تعتبر الأسرة المحضن الأول والرئيس في تنشئة المتعلم الأولى وتكوين الاتجاهات الصحيحة نحو العلم والتعلم . لكن بعض الأسر لا تولي هذا الجانب اهتماما يوازي أهميته فتهمل العناية بهذا الجانب وربما أهملت المتعلم نفسه إهمالا يصل لدرجة التسيب والضياع ، دون حرص ومتابعة وتوجيه ومساهمة في حل ما يعتريه من مشكلات أثناء عملية التعلم .

ويأتي النقد الهدام من ضمن الأسباب التي تجعل المتعلم يزهد في عملية التعلم برمتها حين يوصف المتعلم بألفاظ قاسية وتحقيرية تهدم ذاته وتهز ثقته بنفسه وتقلل من شأنه ، لنقص درجات مادة علمية ، أو بسبب موقف مدرسي وتأتي الفاظ مثل الوصف بالغباء أو عدم الفهم أو التبلد من الألفاظ التي الهادمة لشخصية المتعلم والمنفرة من عملية التعلم .كما أن رفع مستوى التوقعات المطلوبة من المتعلم إلى آفاق من التفوق تفوق قدراته تجعله محبطا ذي اتجاه سلبي نحو عملية التعلم ، فتنخفض دافعية التعلم ويتحول إلى شخص لامبالي . كما أن للصراعات الأسرية وانفصال الوالدين أثر على شخصية المتعلم وتشتيت انتباهه وصرفه عن العناية بالتعلم مما يؤدي إلى نقص دافعية التعلم .

ثانيا : أسباب متعلقة بالبيئة التعليمية

المقصود بالبيئة التعليمية " كل ما يتعلق بالنظام المدرسي من جملة الظروف المادية والإجرائية " ويأتي المعلم كعمود فقري للبيئة التعليمية وبيده شعلة الدافعية للمتعلمين والذي يستطيع أن يشعلها أو أن يسهم في خفوتها . فللمعلم كبير الأثر في زيادة الدافعية واستثارتها ومن هنا تكمن أهمية إعداد المعلم الكفؤ المنضبط الملتزم بأخلاق المهنة . إنه ذلك المعلم الذي يشتعل حماسا فيشعل لهيب الحماس فيمن حوله . وليس ذلك المعلم المحبط ،المهزوم نفسيا ، ضعيف المعلومات ، ناقص المهارات ، سيئ الأداء ، عديم الرؤية الصالحة ، المنشغل بكل القضايا والمهام سوى مهمته الأولى ( تربية الجيل ) إن هذا النوع الأخير من المعلمين من أسباب تدني الدافعية لدى المتعلمين .

ويأتي النظام المدرسي بهيكله الإداري ضمن الأسباب المؤدية إلى انخفاض دافعية المتعلمين ، فالمدير ووكلاء المدرسة والمرشدون الطلابيون ورائد النشاط كل أولئك حين يعتريهم الفتور والملل والتخاذل والكسل والتفريط ، وعدم العناية بالمتعلمين وأخذ مشكلاتهم التعليمية كبرت أو صغرت بعين الاهتمام  



 يؤدي هذا إلى تدني الدافعية بل قد يبعث مثل هذا الكسل والفتور برسالة سلبية غير مكتوبة ولا منطوقة ولكنها مفهومة مفادها أنكم أيها المتعلمون لستم في محور اهتمامنا ولسنا هنا من أجلكم ، ولا يهمنا مستواكم العلمي ، أو الأخلاقي بقدر ما يهمنا رسم صورة تجانب الحقيقة في كثير من جوانبها لإرضاء الزائرين .


وحين تصل هذه الرسالة إلى المتعلم يبدأ بدوره بالعزوف عن عملية التعلم وربما يتخذ موقفا سلبيا ، أو عدائيا تجاه هذه البيئة وهذا النظام المتخاذل المهمل المقصر في أعظم رسالة يحملها الإنسان .
هنا تتراجع دافعية المتعلم ويرسم في ذهنه صورة سلبية عن البيئة المدرسية التي يحاول الخلاص منها بأي شكل وفي أقرب فرصة .و يبقى هذا القصور محصورا في بعض المدارس وإن كثرت ، لكن لا يمكن تعميمه .

وتاتي بقية الظروف المادية والإجرائية الأخرى كعامل مؤثر في الدافعية لدى المتعلمين فالمباني المستأجرة وبخاصة في القرى والهجر التي لا تصلح للسكن الآدمي ناهيك عن كونها مدرسة . هذه المباني تفتقد لكل مقومات المكان الصالح للتعليم مع نقص حاد في التجهيزات المساعدة لممارسة النشاطات المختلفة الثقافية و الرياضية والفنية من مسرح ومعارض ، ومحاضرات 


  وحتى بعض المباني الحكومية ليست بمنأى عن النقص في تلك التجهيزات ، وليس بخاف على التربويين أثر تقنيات التعليم على الدافعية لدى المتعلمين ، ومع ذلك هناك قصور شديد في استخدام هذه التقنيات في كثير من المدارس لأسباب مختلفة .

وفي الختام لا بد من الإشارة إلى أن ماسلو العالم المعروف قد حدد الحاجات في هرمه الشهير بسبع حاجات نأخذها إجمالا على الترتيب : الحاجات الفيزيولوجية ، وحاجات الأمن ، وحاجات الحب والانتماء ، وحاجات احترام الذات ، وحاجة تحقيق الذات ، ثم تأتي بعد كل هذه الحاجات حاجة "المعرفة والفهم " ويليها الحاجات الجمالية - وهو يرى ضرورة اشباع الحاجات الدنيا للتمكن من اشباع الحاجات ذات المستوى الأعلى .



يضاف إلى ذلك أيضا أثر المنهاج ووسائل التقويم بساطة أو تعقيدا في إثارة الدافعية لدى المتعلمين ، ويبقى القول أننا نعيش عصر التقنية بينما تعيش بعض مدارسنا عصر ورق البردي ، فالإنترنت والألعاب الالكترونية جعلت من المتعلم يهمل جانب التعلم التقليدي الجاف ويتجه نحو المواد الأكثر إثارة وإشباعا .



نشر في صحيفة المجاردة الالكترونية

في 13/5/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...