البحث عن إنسان
التساؤلات الوجودية الكبرى عن ماهية الإنسان ‘ تساؤلات قديمة قدم التاريخ حيرت كبار الفلاسفة ، واحتارت فيها العقول المتسائلة عبر العصور ، ومن أجلها قامت مدارس فلسفية متباينة للبحث عن ماهية الإنسان ، مامصدره ؟ ومن أين أتى ؟ ولماذا أتى ؟ وما دوره في الحياة ؟ وما مصيره ؟ أسئلة كبرى حارت فيها العقول .
يُروى في السنة النبوية المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يقرأ سورة الإنسان في فجر يوم الجمعة
هذه السورة الكريمة اشتملت على إجابة لهذه الأسئلة المحيرة ، ولكنها أيضا أكدت على مسائل هامة لدور الإنسان الأخلاقي والقيمي في هذه الحياة ، منها حق الاختيار إما شاكرا وإما كفورا ، والتأكيد على قيمة العقل الذي يقوم الاختيار على أساسه ، وأشارت إلى مفهوم " الأبرار " قال بعض المفسرين : الأبرار هم الذين لا يؤذون الناس ، و قال الحسن : الأبرار هم الذين لا يؤذون الذر . وجاء بمعنى طاعة الله ، وبمعنى الصدق ، وقال القرطبي أن الأبرار الذين لا يؤذون أحدا ..
ومما أكدت عليه السورة الوفاء بالعقود والعهود وهذا استنبطه المفسرون من قوله تعالى ( يوفون بالنذر ) فأضافوا إلى معناه الشرعي معنى الوفاء بالعهود ، قال الكلبي في مفاتيح الغيب : المراد بالنذر العهد والعقد .
ومما أكدت عليه السورة في دور الإنسان الأخلاقي والقيمي قوله تعالى ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ...الآية ) قال بعض المفسرين المقصود هو ، الإحسان إلى المحتاجين والمواساة معهم بأي وجه كان ، وإن لم يكن ذلك بالطعام بعينه ، واختير التعبير بالطعام لأن ذلك من قوام الأبدان ولا حياة إلا به . ذكره الرازي وذهب إليه القرطبي في تفسيره .
هذا الدخن الذي تغشى منظور البحث عن ماهية الإنسان ودوره ، والإنسان الأخلاقي والقيمي ، وهذه الفجوة السحيقة بين الواقع والمثال ، لها أسبابها المختلفة . فالبحث المتجرد عن الحقيقة في القرآن الكريم وتفسيره وفي وصحيح السنة الذي لا يخالف نصا قرآنيا - بعيدا عن الأهواء والتحزبات - سيقود حتما لوصف حقيقة الإنسان و ( الإنسان الأخلاقي ) على وجه الخصوص . يقول تعالى ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين )