في عام 1980م وأثناء احتدام الحرب الأهلية في تشاد، غادرت كثير من العائلات بلادها إلى البلدان المجاورة ، ومن ضمن الذين استأجروا بجيرانهم عائلة دخلت السودان وهي لا تملك من حطام الدنيا شيئا ، وفي الوقت ذاته كانت السودان أيضا تعيش أزمة اقتصادية وتمر بسنين عجاف ، لكن أسرة سودانية أجارت أسرة تشادية مستجيرة من تلك الحروب الدامية وتكفلت لها بالمسكن والمعاش مع مكابدتها شظف العيش ، وقلة ذات اليد ، انتهت الحرب وعادت العائلة التشادية إلى بلادها ، كان موسى ابن هذه العائلة يتدرج في المناصب حتى بلغ منصب وزير الخارجية ، ثم رئيسا للوزراء ثم عين رئيسا لمفوضية الاتحاد الافريقي .
موسى فكي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي ابن العائلة التشادية التي لجئت اضطرارا للسودان . هذا الرئيس يتحدث في احتفال السودان بتوقيع وثائق الفترة الانتقالية أمام الرؤساء والوفود المشاركة من كل أنحاء العالم بهذه القصة وملخص ما قاله : أن في عنقي جميل وحب للسودان وأهله ، وفاءً لتلك الأسرة التي استضافتني وأنا في أشد الحاجة ، هذا الموقف جعلني أقف مع السودان في كل المحافل الدولية .
ومما يروى أيضا أن " ديفيد لويد جورج " الذي ولد في مانشستر 1869م وما لبث أن توفي والده بعد مضي عام على ولادته ، كانت والدته امرأة معدمة فأخذته إلى أحد ضواحي لندن الفقيرة ، واستأجرت غرفة واحدة بجانب عمه لمساعدتهم ،و ذات ليلة مطيرة وشتاء قارص ، مرض طفلها الرضيع وتدهورت حالته وأشرف على الهلاك .
خرجت الأم في ظلام دامس وشتاء مطير وضباب كثيف يلف الأجواء ، تبحث عن طبيب ينقذ ذلك الرضيع ، بالكاد وجدت من يدلها على منزل طبيب في ذلك الوقت المتأخر ، طرقت الباب على الطبيب فخرج ليجد أما مكلومة تستنجد به وتتوسل إليه أن يرى طفلها الموشك على الهلاك ، أمام إصرار دموعها ومنظر البؤس في عينيها خرج مكرها في تلك الأجواء الصعبة .
وجال في دروب البؤساء حتى عثر على الطفل في تلك الغرفة المتهالكة ، وبينما يجري الكشف عليه أخذت تجمع شيئا من بقايا نقود فتمد بها إليه مطرقة في حياء ، وبعد أن كتب لها الدواء رفض أخذ تلك النقود ومد يده بشيء من العطاء ثمنا للدواء . وشاء الله سبحانه أن يكون لهذا الطفل شأن عظيم ، عمل في المحاماة ثم ترأس حزب الأحرار ثم رئيسا لمجلس التجارة ثم وزيرا للمالية كانت سياسته تعتمد حماية الفقراء ونصر الضعفاء والمعوزين ، وما لبث أن أصبح رئيسا للوزراء في 1916م
في إحدى احتفالات نقابة الأطباء التي كان يرأسها ذلك الطبيب الإنسان دعت النقابة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج وحين ألقى رئيس الوزراء كلمته أمام الجموع الغفيرة، ذكر هذه القصة وقام إلى ذلك الطبيب وقبل يده أمام الحضور ، وقال له : لقد كانت أمي قبل وفاتها تحثني دائما على مكافئتك وأن أرد لك الجميل .
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
نشر في صحيفة الوطن نيوز في 28/12/2019
http://www.watannews-sa.com/articles/14521/#.XgeePwIjlYl.twitter
لا يذهب العرف بين الله والناس
نشر في صحيفة الوطن نيوز في 28/12/2019
http://www.watannews-sa.com/articles/14521/#.XgeePwIjlYl.twitter
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق