تركز التنمية البشرية و بعض مدربيها الحالمون كثيرا على رسم الأحلام الكبيرة و النظر للغد بأمل مشرق وأحلام واعدة ، دون النظر إلى قدرات الأفراد وميولهم وتفاوتهم مما يوقع بعض الأفراد في مشاكل جمة .
الحديث عن الطموح أمر رائع ومحمود ، لكن الأحلام الكبيرة تحمل في طياتها مخاطر بحجمها حين تكون مجردة من الدراسات المتأنية التي تدرس الواقع وتخطط بدقة للمستقبل .
يُروى أن راعياً كان يكسب قوته من الزُبد الذي يجمعه ويضعه في جرة معلقة بشجرة، وحين تمتلئ الجرة يأخذ هذا الزُبد ويبيعه ، ويقبض ثمن رعايته لتلك الماشية .
في أحد الأيام استلقى تحت الشجرة التي يستظل بها ، فداهمته أحلام اليقظة ، وجرة الزبد معلقة فوق رأسه ، واستغرق في أحلام اليقظة وهو بين النوم واليقظة، فرأى أنه قد باع جرته بآلاف الدنانير الذهبية ، واشترى قطعانا من الماشية ، وتزوج وأنجب ابناً ، ولم يعد قادراً على رعاية هذه القطعان وحده ، فطلب من ابنه العون في رعاية الماشية .
لكن الابن رفض العمل في رعاية الماشية ، واحتدم النقاش بينه وبين ابنه ، فأخذ العصا وضرب ابنه . إلا أن العصى لم تقع في الابن بل أصابت الشجرة التي يستظل بظلها وسقطت الجرة المعلقة فوق رأسه وانساح الزبد فوق ثيابه وخسر الجرة وما جمعه من الزبد .
كثيرون يتحدثون عن الطموح والقصص الأسطورية التي تلهب الحماس خاصة في ( دورات التنمية البشرية ) ،لكنه حماس مغرق في أحلام اليقظة ، دون دراسة وافية و صادقة للفجوة بين الواقع و المأمول ، ودون تخطيط لتجاوز العقبات وردم الفجوات الكبيرة مما يوقع الفرد في عثرات غير متوقعة وغير محسوبة .
. . فإما أن تكون موقنا و دراساً دراسة متأنية و مستوفية لخطواتك جيدا ، وإلا فدع مدرب التنمية البشرية وأوهامه ، وحافظ على الجرة ولا تكسرها .
نشر في صحيفة الوطن بتاريخ 19/1/2018
http://cutt.us/ULiZc
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق