الخميس، 18 يناير 2018

لاتبع الجرة ولاتكسرها






 تركز  التنمية البشرية و بعض مدربيها الحالمون كثيرا على  رسم الأحلام الكبيرة و النظر للغد  بأمل مشرق وأحلام واعدة ، دون النظر إلى قدرات الأفراد وميولهم  وتفاوتهم   مما يوقع بعض الأفراد في مشاكل جمة   .

 الحديث عن الطموح  أمر رائع ومحمود ، لكن الأحلام الكبيرة  تحمل في طياتها  مخاطر بحجمها حين تكون مجردة من الدراسات المتأنية التي تدرس الواقع وتخطط بدقة للمستقبل .

يُروى أن راعياً كان يكسب قوته من الزُبد الذي يجمعه ويضعه  في جرة معلقة بشجرة، وحين تمتلئ الجرة يأخذ هذا الزُبد ويبيعه ، ويقبض ثمن رعايته لتلك الماشية .

في أحد الأيام استلقى تحت  الشجرة  التي يستظل بها ،  فداهمته أحلام اليقظة ، وجرة الزبد معلقة فوق رأسه ،  واستغرق  في أحلام اليقظة وهو بين النوم واليقظة، فرأى أنه قد باع جرته بآلاف الدنانير الذهبية ، واشترى قطعانا من الماشية ، وتزوج وأنجب  ابناً ، ولم يعد قادراً على رعاية هذه القطعان وحده ، فطلب من ابنه العون في رعاية الماشية .

لكن الابن رفض العمل في رعاية الماشية ، واحتدم النقاش بينه وبين ابنه ، فأخذ العصا وضرب ابنه . إلا أن العصى لم تقع في الابن بل أصابت الشجرة التي يستظل بظلها وسقطت  الجرة المعلقة فوق رأسه  وانساح الزبد فوق ثيابه وخسر الجرة وما جمعه من الزبد .

كثيرون   يتحدثون عن الطموح والقصص الأسطورية التي تلهب الحماس  خاصة في  ( دورات التنمية البشرية )   ،لكنه حماس مغرق   في أحلام اليقظة ، دون دراسة وافية و صادقة   للفجوة بين الواقع و المأمول ، ودون تخطيط لتجاوز العقبات وردم الفجوات الكبيرة  مما يوقع الفرد في عثرات غير  متوقعة وغير محسوبة  .

. .  فإما أن تكون موقنا و دراساً دراسة متأنية و مستوفية لخطواتك جيدا ، وإلا فدع مدرب التنمية البشرية وأوهامه ،  وحافظ على الجرة ولا تكسرها .


نشر في صحيفة الوطن بتاريخ 19/1/2018

http://cutt.us/ULiZc


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...