السبت، 27 يناير 2018

دور الآباء في شقاق الأبناء



يعاني المجتمع من بعض حالات الشقاق والخلاف الأسري ، خاصة بين الأباء والأبناء . هذا الشقاق لم يعد حالة فردية بل تطور حتى أصبح مشكلة تستدعي الدراسة والبحث ، مع أن الشريعة الإسلامية حرصت  أشد الحرص على بر الوالدين ، إلا أن هناك أسباب مختلفة ؛ أدت إلى هذا الشقاق  منها ما هو متعلق بالأبناء،  وأسباب متعلقة بالآباء . سأتناول في هذا المقال بعض الأسباب المتعلقة ببعض الآباء وأثرها في بروز  هذا الشقاق
- مع التأكيد على حقهم في الرعاية والبر والإحسان -  ومن هذه الأسباب :

1- مخالفة الشارع الحكيم في مقاصد التعدد :    ونقصد به التعدد  الذي لا يفي بالشروط الشرعية  من القيام بالنفقة ، والعدل  ،والقدرة  على تحمل تكاليف بناء أسرتين أو أكثر  وما يتبعهما من حقوق مالية وتربوية نفسية ؛ مما يجعل العائل لهما  في صراع وشقاق مع إحدى هاتين  الأسرتين ، أو الإهمال الكامل للأبناء في إحدى  الأسرتين  ، والقصور  الذي يصل بإحدى الأسرتين إلى حالة من  العوز  يبرز الشقاق الكبير ويجعل العائل  في توتر وخلاف دائم  مع أبناء أحد أسرتيه للوفاء بمتطلباتهم الأسرية  .

2- الأمراض النفسية والعصبية : بعض الأباء يعاني من أمراض نفسية أوعصبية تؤثر على مستوى علاقاته سواء بأسرته ، أو المحيطين به دون أن ينتبه لها أحد ، أو تؤخذ بعين الاعتبار ، ، مع أن حالته العقلية تعذره من الوصول للحكمة ، ومؤشر هذا المستوى هو  العلاقات السوية أو غير السوية   بينه وبين أبنائه والمحيطين به  والمجتمع من حوله .

.  هناك أيضا  أمراض لا يمكن اكتشافها من الأشخاص العاديين ،  سواء كانت أمراض عصبية نتيجة اختلال في الأعصاب بسبب أمراض ، أو جلطات أصابت الجهاز العصبي ، أو أمراض ذهانية نفسية تفقده الحكم الصحيح على الأشياء،  ويصاب بهلاوس وأفكار متطرفة ومشتتة .وهذا بدوره يؤثر على مستوى جودة علاقته بالمحيطين به ، ناهيك عن  الحديث  عن أثر السحر والشعوذة التي قد تستخدمه إحدى الزوجات ، لعطف الزوج وحرمان الزوجة الأخرى وابنائها ،من حقوقهم الشرعية .

3- المخدرات والمسكرات : تأثر المخدرات والمسكرات على سلوك الأفراد بشكل عام ،  والدراسات تثبت الأثر النفسي للمخدرات منها : انهيار العاطفة ، وعدم الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والعائلية ، كراهية العمل ، اختلاط التفكير وسرعة الانفعال ،  غير تأثيراتها السلوكية كالخداع والغش ، والكذب ، والتزوير ، و الهلاوس السمعية ، والبصرية .

أما الناحية الاجتماعية  فتتأثر سلبا حيث يتدهور وضع الأسرة الاقتصادي خاصة الأسرة المرتبطة بموارد الأب المالية فقط ؛ مما يضطر بعض أفراد الأسرة إلى انحرافات سلوكية خطيرة ، أو يمتهن أعمال غير مشروعة بسب تخاذل العائل  وانحرافه . 

4- التأديب   الآثم : وهذا يشمل العدوان  الجسدي العنيف بالحرق  ، والتعذيب بوضع الأغلال أو القتل  ، ويشمل أيضا الاستبداد والجفاء ، و امتهان الكرامة الإنسانية بالتجريح العنيف  ، وعدم الإنصاف  غير المبرر في معاملة الأبناء سواء كان في العطاء أو الحب ، أو القبول والرفض أو التأديب  .

كل هذا يؤثر على مستوى جودة العلاقة بين الأباء والأبناء وإلى نزاعات وتصدعات أسرية عميقة تؤدي إلى  انهيار  الكيان الأسري إذا لم يعالج الأمر بالحكمة والروية ،  ويتم التعريف  بالحقوق والواجبات . ويبقى التأكيد قائما  على حق الأب ووجوب بره ورعايته وطاعته في المعروف  والصبر واحتساب الأجر والثواب من الله  عز وجل .



نشر في صحيفة الوطن السعودية  بتاريخ 27/1/2018
http://cutt.us/KBFVM

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...