يعاني المجتمع من بعض حالات الشقاق والخلاف الأسري ، خاصة بين الأباء والأبناء . هذا الشقاق لم يعد حالة فردية بل تطور حتى أصبح مشكلة تستدعي الدراسة والبحث ، مع أن الشريعة الإسلامية حرصت أشد الحرص على بر الوالدين ، إلا أن هناك أسباب مختلفة ؛ أدت إلى هذا الشقاق منها ما هو متعلق بالأبناء، وأسباب متعلقة بالآباء . سأتناول في هذا المقال بعض الأسباب المتعلقة ببعض الآباء وأثرها في بروز هذا الشقاق - مع التأكيد على حقهم في الرعاية والبر والإحسان - ومن هذه الأسباب :
1- مخالفة الشارع الحكيم في مقاصد التعدد : ونقصد به التعدد الذي لا يفي بالشروط الشرعية من القيام بالنفقة ، والعدل ،والقدرة على تحمل تكاليف بناء أسرتين أو أكثر وما يتبعهما من حقوق مالية وتربوية نفسية ؛ مما يجعل العائل لهما في صراع وشقاق مع إحدى هاتين الأسرتين ، أو الإهمال الكامل للأبناء في إحدى الأسرتين ، والقصور الذي يصل بإحدى الأسرتين إلى حالة من العوز يبرز الشقاق الكبير ويجعل العائل في توتر وخلاف دائم مع أبناء أحد أسرتيه للوفاء بمتطلباتهم الأسرية .
2- الأمراض النفسية والعصبية : بعض الأباء يعاني من أمراض نفسية أوعصبية تؤثر على مستوى علاقاته سواء بأسرته ، أو المحيطين به دون أن ينتبه لها أحد ، أو تؤخذ بعين الاعتبار ، ، مع أن حالته العقلية تعذره من الوصول للحكمة ، ومؤشر هذا المستوى هو العلاقات السوية أو غير السوية بينه وبين أبنائه والمحيطين به والمجتمع من حوله .
. هناك أيضا أمراض لا يمكن اكتشافها من الأشخاص العاديين ، سواء كانت أمراض عصبية نتيجة اختلال في الأعصاب بسبب أمراض ، أو جلطات أصابت الجهاز العصبي ، أو أمراض ذهانية نفسية تفقده الحكم الصحيح على الأشياء، ويصاب بهلاوس وأفكار متطرفة ومشتتة .وهذا بدوره يؤثر على مستوى جودة علاقته بالمحيطين به ، ناهيك عن الحديث عن أثر السحر والشعوذة التي قد تستخدمه إحدى الزوجات ، لعطف الزوج وحرمان الزوجة الأخرى وابنائها ،من حقوقهم الشرعية .
3- المخدرات والمسكرات : تأثر المخدرات والمسكرات على سلوك الأفراد بشكل عام ، والدراسات تثبت الأثر النفسي للمخدرات منها : انهيار العاطفة ، وعدم الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية والعائلية ، كراهية العمل ، اختلاط التفكير وسرعة الانفعال ، غير تأثيراتها السلوكية كالخداع والغش ، والكذب ، والتزوير ، و الهلاوس السمعية ، والبصرية .
أما الناحية الاجتماعية فتتأثر سلبا حيث يتدهور وضع الأسرة الاقتصادي خاصة الأسرة المرتبطة بموارد الأب المالية فقط ؛ مما يضطر بعض أفراد الأسرة إلى انحرافات سلوكية خطيرة ، أو يمتهن أعمال غير مشروعة بسب تخاذل العائل وانحرافه .
4- التأديب الآثم : وهذا يشمل العدوان الجسدي العنيف بالحرق ، والتعذيب بوضع الأغلال أو القتل ، ويشمل أيضا الاستبداد والجفاء ، و امتهان الكرامة الإنسانية بالتجريح العنيف ، وعدم الإنصاف غير المبرر في معاملة الأبناء سواء كان في العطاء أو الحب ، أو القبول والرفض أو التأديب .
كل هذا يؤثر على مستوى جودة العلاقة بين الأباء والأبناء وإلى نزاعات وتصدعات أسرية عميقة تؤدي إلى انهيار الكيان الأسري إذا لم يعالج الأمر بالحكمة والروية ، ويتم التعريف بالحقوق والواجبات . ويبقى التأكيد قائما على حق الأب ووجوب بره ورعايته وطاعته في المعروف والصبر واحتساب الأجر والثواب من الله عز وجل .
نشر في صحيفة الوطن السعودية بتاريخ 27/1/2018
http://cutt.us/KBFVM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق