الاثنين، 30 مارس 2020

الانكسار








كلنا مررنا بتجارب... ومن خلال تجاربنا  ..تمر بنا أوقات عصيبة وصعبة وأوقات انكسار مؤلمة أحيانا  ، نلتمس فيها عونا وسندا ونحتاج إلى من يجبر كسرنا حتى لو بالكلمة الحانية  والتعاطف الإنساني... قد نجرؤ على البوح  ، وأحيانا  نأنف منه لأنه قد يعري ضعفنا أو ضعف من حولنا  ، والأهم من هذا أن نعثر  حولنا على  من يقيل عثرتنا وينتشلنا من كبوتنا  ، ليس شرطا أن يكون ممن حولنا فبعض منهم قد يشمت بنا ويسخر ، ومنهم من يتركنا وشأننا،  ومنهم  من يجعلنا أضحوكة للآخرين ويشي بنا في كل مجلس ، و ليسوا  سواء ، هذه طبائع الناس موشومة بفوارق الاختلاف
والناس تقتات الأحاديث كما تقتات الخبز  ..ولا لوم .
لكن الحياة ليست بهذا الظلام هناك قناديل  من البشر تضيئ وقت العتمة  وهم كنوز من القيم والنبل من وجد جوهرا  ولم يلزمه فقد ثمينا في سوق تردت فيه الأثمان ، هؤلاء الذين يمسحون دمعة اليتيم  ويحضون على طعام المسكين في يوم ذي مسغبة وقد تو اصوا  بالصبر والمرحمة ، هؤلاء الذين  يقفون مع المنكسرين من الرجال والنساء  فيظهرون في الأزمات وفي أوقات الانكسار  كالأعلام  بالتضحية والعطاء والتطوع ،   والعون والوقوف كالجبال مهما كانت الريح عاتية  لجبر خواطر المنكسرين  . هؤلاء هم النبلاء الكرماء العظماء  حقا . 


الجمعة، 27 مارس 2020

إمساك بمعروف ..





مشاهد تصور ابتهاج أحد الأزواج بفراق زوجته والبعد عنها من باب السخرية والتندر ، وأخرى تتضجر من بقاء زوجها في البيت وتتمنى ساعة فراقه ، وآخر يتمنى وفاة زوجته وغيابها للأبد ، ورسومات وطرائف ونكت ساخرة ، ومهينة أحيانا للحياة الزوجية بركنيها الزوج والزوجة .  إنها نوع من التشهير الساخر والإساءة لمفهوم  الأسرة .

الشرائع السماوية تحث وتبارك الرباط المقدس بين الزوجين الذكر والأنثى ،والإسلام أكد على هذا البناء العظيم ، الذي يحفظ بقاء النوع البشري في أسمى درجات الطهر والنقاء متجنبا  كل الاختلالات الاجتماعية التي ترافق علاقة الجنسين وفق رؤى  وأطر بعيدة عن طريق التشريع السماوي والتي تنتهي بهدم الأسرة في معناها الأخلاقي وفناء النوع البشري .

وصف القرآن هذه العلاقة بالميثاق الغليظ حفاظا على البنية الأساسية في تكوين المجتمع الإنساني . وبالتالي فإن صلاح هذا البناء وتماسكه هو صلاح للمجتمع وفساده وتهدمه هو هدم للمجتمع ؛ لإن الأسرة هي المحضن الأول والمدرسة الأولى في حياة الإنسان وهي الموجه للسلوك وللبناء التربوي والأخلاقي للأبناء وفيها تغرس القيم ، ولذلك يجب أن يصان هذا الرباط المقدس وتصان أركانه  عن دنايا السخرية والتشهير والتجريح المتعمد المستمر .

السخرية الممتدة من ركني الأسرة قد تمتد إلى الشباب المقبل على الزواج فيثمر هذا التوالي المستمر إلى عزوف طويل وصدود مرده الوجل من بناء الأسرة نتيجة الصورة الذهنية التي مارستها السخرية على هذا البناء العظيم، فترسم في العقل الباطن صورة مشوهة ومضطربة ومتوترة، عن العلاقات الزوجية صورة يظهر  ركنا الأسرة متربصان ببعضهما بعضا. رسائل مؤلمة نفسيا ومشوهة لصورة المجتمع بشكل عام تر سل على شكل قوالب متعددة منها النكتة والمشهد التمثيلي والرسم الساخر، وكل هذه الرسائل ليست محايدة في مضامينها فلها تأثير مباشر وغير مباشر على السلوك. ومهما قيل من تفسيرات نفسية أو اجتماعية حول ظهور مثل الرسائل فإنها تعد إساءة مبرمجة في قالب كوميدي مظلم .



الأسرة وفق المنظور الإسلامي  هي الزواج على الأسس الشرعية  بين الذكر والأنثى  و هما عماد البناء فيها  ، ويؤسس هذا البناء  على المودة والرحمة والمحبة والفضل والستر  والإمساك بالمعروف ، وليس على التهكم الساقط ، والتندر من أحد أركانها وركائزها  من أجل السخرية فحسب التي تتجاوز حدود الأدب واللياقة والوفاء والمروءة والخلق النبيل .  لأن الأسرة ومكوناتها علاقة شرعية مصانة برباط مقدس ، وميثاق غليظ لا يحق للعابثين العبث  به .

السبت، 21 مارس 2020

على هامش الأزمة






إذا أردنا النهضة الحقيقية والعزة والمنعة والقوة والمكانة بين الأمم ، علينا بالعلم والعناية الفائقة بالعلماء وأقصد علماء  العلوم الطبيعية والبحث التجريبي والعلوم الإنسانية ، والعناية المركزة بمراكز البحث ومعامل التجريب والدراسات الإنسانية  ، العناية بالعلم والعلماء من الخطوات الأولى  من بداية بذرة التعليم في الصغر في مراحله الأولية إلى المرحلة الجامعية .

مهما بكينا أو تباكينا ونحن لم نسهم في ركب الحضارة أو نقدم أبحاثا عالمية أو نسهم باستشراف المشاكل المحتملة من خلال البحث والتطوير  سننتظر ما يفعله الآخرون ،   وما يحدث في الآخرين ثم نتعامل مع المشكلة وفق معطيات مختلفة ، وهذا يكلفنا الكثير  مقارنة باستشراف المشكلات قبل وقوعها ، نحمد الله أننا مررنا بهذه الأزمة تحت قيادة فعالة  استحقت الإشادة من الجميع ، ولكننا سنظل في حاجة لاستشراف حجم المشكلات قبل وقوعها   من خلال مراكز أبحاث عالمية نملكها وتكون مرجعا  للعالم .

لنا في كثير من الدول المتضررة عبرة واضحة لأنهم   كما يبدو لم يقدروا احجم المشكلة كما ينبغي  وأسباب أخرى متعلقة  ربما باحتكار النظام الصحي وخصخصته ،  ولم يتوقعوا  هذا الدمار الهائل الذي أحدثه هذا الوباء في الإنسان  ، الدراسات والأبحاث الاستشرافية تدرء المخاطر بحول الله ، وتعين  على الاستعداد المبكر لدرء تداعيات  الكوارث والأزمات  .  ستثمر الجهود إن شاء الله بتكاتف الجميع ، ورب ضارة نافعة لتعين  للإعداد لمستقبل مشرق بإذن الله .

الجمعة، 13 مارس 2020

المواجهة المستعرة ..




 
منذ بداية أزمة وباء كورونا وانتشاره حول العالم اختلفت  الدول في تقييم مستوى مخاطر هذه الأزمة وبالتالي كان  تعاطيها لملف  الأزمة مختلفا وتأرجح بعض منها بين القبول بها كواقع يجب التعامل معه وبين الرفض  لها وتباينت التحليلات السياسية والطبية  والدينية وكل أدلى بدلوه . ارتبك العالم حين شعر بالخطر  وبدأ يأخذ تصريحات منظمة الصحة العالمية على محمل الجد حين وصفت هذا الوباء بالجائحة العالمية وقد يصل لمستوى الكارثة  لكن بعد أن وقع الفأس في الرأس في بعض الدول ، وهاجم الوباء تلك الدول دون هوادة  وحصد منها الآلاف .وبحسب منظمة الصحة العالمية: فإن أوروبا هي "البؤرة الجديدة" لوباء كوفيد-19 العالمي. ( كورونا )

منذ أكثر من مائة عام لم يجتاح العالم وباء بهذه السرعة وهذه الكثافة والانتشار .  اليوم وصل الخطر إلى أكثر من 125 بلدا حول العالم  وربما قد يتجاوز هذا الرقم ومازال الوباء  يطوف بالبلدان ويحصد الضحايا ، والمصابين  ويخلف خسائر بمئات المليارات  ولم يقف عند هذا الحد بل أسهم في  غلق منافذ الدول ومازال يوقف حركة السفر ، والتنقل والتجمع حول العالم وعزل مدنا ودولا ، وهو أمر أشبه ما يكون بحرب عالمية .

المملكة العربية السعودية من البلدان القليلة التي استشرفت خطورة الأمر  وبادرت بإجراءات استباقية  احترازية  جريئة من وقت مبكر ، وكان لقراراتها الشجاعة  أثر بالغ  في صد  انتشار الوباء وتخفيض نسبة الإصابة إلى الحد الأدنى .

هذه الكارثة  لها جوانب متعددة منها  الجانب السياسي وقد تفضلت القيادة السياسية مشكورة بكل ما يلزم لمواجهة هذا الوباء العالمي فأمرت باتخاذ كافة التدابير اللازمة وسخرت كل الإمكانات المادية والبشرية ،  ولها أيضا جانب إداري على مستوى الوزارات  وكان الأداء والتنسيق  من مركز الطوارئ والأزمات  أكثر من رائع  وتعاملت  وزارة الصحة مع ملف الأزمة بكل مهارة وكفاءة وفاعلية ، و يواجه  أبطالها في الميدان هذه العدو الشرس ،  حماية للناس و دفعا لتداعيات تطوره . مستلهمين واجبهم الديني والوطني والأخلاقي .

أما واجبنا  كمواطنين ومقيمين  فيتمثل في التعاون مع توجيهات قيادة البلاد في الالتزام التام بالتعليمات والتوجيهات الصادرة من جهات الاختصاص ، وأخذ المعلومة من مصادرها والبعد عن ترويج الشائعات ، والتحلي بالصبر و التضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يرفع البلاء ويجلو الغمة  ، واخذ جانب الحذر فلايزال العمل قائم على قدم وساق ولازالت الحرب مستعرة والمواجهة على أشدها مع هذا الوباء في الداخل وعلى مستوى العالم  .



السبت، 7 مارس 2020

التسامي عن الصغائر



كثير من المواقف ومشكلات العلاقات الاجتماعية التي نمر بها ، تتضخم لأننا نضخمها بإرادتنا ونعطيها أكثر من حجمها الطبيعي مع أنها في أكثر الأحيان أمور في غاية البساطة ولو  ( هوناها لهانت )  ، مواقف قد تصدر منا أو من آخرين بعفوية تامة لكنها قد تأكل وتشرب وتنام مع متلقيها وفي مخيلته تعمد الإساءة أو التعامل بدونية ، وقلة احترام . مع أن الأمر قد يكون بعيدا عن هذا كله .

منطق تضخيم الصغائر يفترض في  الناس أنهم  لا يخطئون ولا يجب أن يخطئوا أبدا ، وهذا بالتأكيد ضد طبيعة البشر ، فالتماس الكمال على طول الخط مقلق للسكينة ومهدد للطمأنينة ، ويجعلنا نركز  العدسة على أخطاء الآخرين ونكبر صور هذه الأخطاء باستمرار ونجعل اخطاءنا في الظل ، هذا التركيز يصنع علاقات متوترة يظللها سحب من الشك وسوء الظن والاتهام عند كل تصرف لا يروق لنا .

كثير من مواقف الخلاف بين الزوجين وخلاف  الأصدقاء وزملاء المهنة والعمل وحتى الخلافات  الأسرية تبدأ ببذرة  خلاف صغيرة ثم ما تلبث أن تكبر حتى  نسقيها بنزاعاتنا ونرويها بسوء الظن فتغدو شجرة ضخمة من الصعب اجتثاثها . إن تطويق نبتة الخلاف منذ نشأتها واستئصالها من بواكير ظهورها بالتسامي والتغاضي وغض الطرف وحسن الظن يبقي زهور الود عطرة  ،  ويسقي حديقة التواصل والتواد والتعاطف والتراحم .

اصبحنا نسمع قادة تربويون ومربون فضلاء يتشابكون بالأيدي أليس هذا غريبا ..! وأزواج لم يمض على زواجهم سويعات معدودة  حتى ختمت حياتهم  بالطلاق  ، وشقاق أسري وإخوة وأصدقاء يتنكرون لبعضهم من أجل جملة عابرة ، أو موقف غاضب  عابر ، وهي خلافات في مجملها بدأت بنقاط صغيرة كان يمكن احتوائها والصبر عليها قبل أن تتحول إلى شجرة مشكلات معقدة عصية على الحل .

و نسمع ونرى خصاما على أشياء في غاية التفاهة إما على موقف سيارة أو عدم رد على مكالمة جوال أو رسالة واتس اب  أو تعليق في قروب أو مشاركة أو عدم مشاركة إلى مالا نهاية ..من تلك الصغائر التي تصنع الضغائن ويمكن العبور فوقها وتجاوزها دون نسج الخيالات والظنون والشكوك والأوهام الفارغة حولها .

الحل أن نكبر ادمغتنا ونسمو عن هذه الصغائر والترهات والمحاسبة على الحبة ، فالتنازل وغض الطرف والتماس الأعذار من شيم الكرام وكما قال المتنبي : وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها  *  وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ

لست مع الرأي القائل " لا تهتم لصغائر الأمور فكل الأمور صغائر " بل هناك مشكلات صعبة ومعقدة ولكن أقول : التسامي عن الصغائر في العلاقات هو  سلوك العقلاء ؛ لذا لا تهتم لصغائر الأمور فأكثر مشكلات العلاقات صغائر  يمكن الصبر عليها وتلافيها .

الاثنين، 2 مارس 2020

درس من كورونا


الحديث عن كورونا والخدمات الصحية العامة مثار حديث المجتمع العالمي ، ولاشك أن مقياس تطور كل مجتمع لابد أن  يشمل مدى تطور خدماته الصحية وسلامة مواطنيه وقدرة النظام الصحي المحلي على مواجهة الكوارث الصحية والأوبئة واسهامه في البناء الصحي العالمي

. في بلادنا نظام صحي جيد ، إلا أنه بحاجة إلى مزيد من الدعم المتواصل خاصة في المحافظات والقرى البعيدة عن المركز  . حيث يسافر أكثر الناس إلى المدن الرئيسية بحثا عن العلاج و هذا  يسبب ضغطا هائلا على المشافي العامة في المدن الكبرى ، ويزيد فترة الانتظار بشكل طويل وممل ومؤلم أحيانا على إنسان مريض يصارع الألم ، مما يضطره إلى التحول إلى المشافي الخاصة وهي مشافي تكلف الأموال الطائلة  والتي تُعجز في أحيان كثيرة ذوي الدخل المحدود ومتوسطي الدخل . ولك أن تتصور أن بعض الأطباء رفع أجرة الكشف فقط إلى 1000 الف ريال لمجرد النظر في شكوى المريض ناهيك عن الاشعة والتحاليل  الخ ..من تلك المنظومة الطويلة  .

هذه المشافي الخاصة تتسابق في تحقيق الأرباح على حساب المرضى والمضطرين للعلاج ولهذا لا نستغرب أن  يحقق أصحاب هذه المشافي الخاصة المليارات .  هناك شريحة من الناس يتقون غلوائهم  بالتأمين ولكن هناك شريحة أخرى واسعة يقعون فريسة لهذا التسابق المحموم للثراء دون نظر لأي جوانب أخرى، 
 هذا التسابق  في الأوضاع العادية ، فما بالك بحالات الكوارث وعواصف الأوبئة التي تجتاح العالم من حين إلى آخر ، كفانا الله وإياكم شرها . 

لوزارة الصحة  جهود مشكورة خاصة في الإجراءات الاحترازية التي تتخذها لصد عدوى هذا الوباء  الذي يجتاح العالم اليوم  و هناك درسا مستفادا  من هذه الجائحة ، يرسل لنا تساؤلا  عن مدى قدرة المشافي العامة في المحافظات  والقرى النائية  على المواجهة . 

هناك حاجة كبيرة لدعم المحافظات بمشاف متطورة، وكليات طب ومراكز أبحاث  للأمراض والأوبئة المستوطنة والمهاجرة تكون على مستوى عال  ،  في كل نواحي المملكة كي تغني عن السفر   وتتكامل مع بقية المنظومة الصحية  في خدمة بلادنا  وتسهم أيضا في البحث العلمي لخدمة الإنسانية  ،  في مثل هذه الحالات الوبائية . لدينا نظام صحي جيد ولكننا نرنو دائما إلى  الأمل الأفضل والأكمل لمواجهة الاحتياج المتزايد للخدمات الصحية و عواصف الأوبئة وأخطارها  فنقذ أنفسنا ونسهم في انقاذ البشرية  .

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...