السبت، 7 مارس 2020

التسامي عن الصغائر



كثير من المواقف ومشكلات العلاقات الاجتماعية التي نمر بها ، تتضخم لأننا نضخمها بإرادتنا ونعطيها أكثر من حجمها الطبيعي مع أنها في أكثر الأحيان أمور في غاية البساطة ولو  ( هوناها لهانت )  ، مواقف قد تصدر منا أو من آخرين بعفوية تامة لكنها قد تأكل وتشرب وتنام مع متلقيها وفي مخيلته تعمد الإساءة أو التعامل بدونية ، وقلة احترام . مع أن الأمر قد يكون بعيدا عن هذا كله .

منطق تضخيم الصغائر يفترض في  الناس أنهم  لا يخطئون ولا يجب أن يخطئوا أبدا ، وهذا بالتأكيد ضد طبيعة البشر ، فالتماس الكمال على طول الخط مقلق للسكينة ومهدد للطمأنينة ، ويجعلنا نركز  العدسة على أخطاء الآخرين ونكبر صور هذه الأخطاء باستمرار ونجعل اخطاءنا في الظل ، هذا التركيز يصنع علاقات متوترة يظللها سحب من الشك وسوء الظن والاتهام عند كل تصرف لا يروق لنا .

كثير من مواقف الخلاف بين الزوجين وخلاف  الأصدقاء وزملاء المهنة والعمل وحتى الخلافات  الأسرية تبدأ ببذرة  خلاف صغيرة ثم ما تلبث أن تكبر حتى  نسقيها بنزاعاتنا ونرويها بسوء الظن فتغدو شجرة ضخمة من الصعب اجتثاثها . إن تطويق نبتة الخلاف منذ نشأتها واستئصالها من بواكير ظهورها بالتسامي والتغاضي وغض الطرف وحسن الظن يبقي زهور الود عطرة  ،  ويسقي حديقة التواصل والتواد والتعاطف والتراحم .

اصبحنا نسمع قادة تربويون ومربون فضلاء يتشابكون بالأيدي أليس هذا غريبا ..! وأزواج لم يمض على زواجهم سويعات معدودة  حتى ختمت حياتهم  بالطلاق  ، وشقاق أسري وإخوة وأصدقاء يتنكرون لبعضهم من أجل جملة عابرة ، أو موقف غاضب  عابر ، وهي خلافات في مجملها بدأت بنقاط صغيرة كان يمكن احتوائها والصبر عليها قبل أن تتحول إلى شجرة مشكلات معقدة عصية على الحل .

و نسمع ونرى خصاما على أشياء في غاية التفاهة إما على موقف سيارة أو عدم رد على مكالمة جوال أو رسالة واتس اب  أو تعليق في قروب أو مشاركة أو عدم مشاركة إلى مالا نهاية ..من تلك الصغائر التي تصنع الضغائن ويمكن العبور فوقها وتجاوزها دون نسج الخيالات والظنون والشكوك والأوهام الفارغة حولها .

الحل أن نكبر ادمغتنا ونسمو عن هذه الصغائر والترهات والمحاسبة على الحبة ، فالتنازل وغض الطرف والتماس الأعذار من شيم الكرام وكما قال المتنبي : وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها  *  وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ

لست مع الرأي القائل " لا تهتم لصغائر الأمور فكل الأمور صغائر " بل هناك مشكلات صعبة ومعقدة ولكن أقول : التسامي عن الصغائر في العلاقات هو  سلوك العقلاء ؛ لذا لا تهتم لصغائر الأمور فأكثر مشكلات العلاقات صغائر  يمكن الصبر عليها وتلافيها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...