السبت، 18 أبريل 2020

شخصية لم تخبرك عنها المدرسة

تعد التجارب الإنسانية موردا خصبا للأبحاث السلوكية ، لأن سلوك الإنسان متنوع تنوعا لايمكن حصره رغم كل التقدم الحاصل في العلوم النفسية والسلوكية ، ولهذا فحكايات التجارب الإنسانية عن السلوك المضطرب ، قد تكون عونا في كشف أنواع مستجدة من الاضطراب النفسي السلوكي ، في مجتمع لا يخلو من المعاناة النفسية .
الحياة معمل كبير وجامعة عامة تعرفك بشخصيات لم تخبرك عنها المدرسة ، ولا الجامعة بكل مكوناتها ، تعرفها من خلال المواقف والتجارب المباشرة مع الآخرين ؛ لأن سور الدراسة النظري يكاد يعزلك عن واقع الحياة الحقيقي ، ذلك الواقع الذي يتأرجح بين السعادة والتعاسة ، والغنى والفقر، والحب والكراهية ، هذا لا يعني أن المجتمع كتلة من الشرور ، ولا هو أيضا نهر من الخير ، ففيه صفات ملائكية وأخرى شيطانية .
المؤلم أن تقع فريسة لشخصية شيطانية سامة وأنت لا تدرك الأبعاد النفسية لتلك الأنواع من الشخصيات المضطربة السامة ، إنه نوع من الشخصيات التي يصعب تأطير اضطرابها و اكتشاف خداعها ، و طويتها تجاه الآخرين ، لأنها متلونة حسب الموقف ، ومن الصعب أن تدرك ماذا تضمر لك أو للآخرين من حولك أو للمجتمع من خير أو شر ؟

هناك سمات تضيئ بعض ملامح هذا النوع من الشخصيات السامة منها على سبيل المثال لا الحصر : التلذذ بشتم الآخرين في غيابهم ووصمهم بأشد الصفات قسوة وبذاءة بلا مبرر ، لكنها في حضورهم تبتسم لهم وترحب بهم و تمدحهم بأجمل الصفات وتخلع عليهم أجمل الألقاب وكأنه ولي حميم ، دون حياء أو مواربة ، هذه الشخصية المتأرجحة في مشاعرها تجاه الآخرين ، وهذا النوع المتلون بشدة متعدد الوجوه ، كذوب وقد يكون خدوما بدرجة غير معتادة ..لكن بصفة انتقائية وفق معايير غير أخلاقية ، وفي الوقت نفسه يضمر الكراهية بشكل حاد .
هذه الشخصية محبة للسيطرة كنوع من النرجسية المعجونة بالعنجهية ، لكنها سيطرة بشكل ناعم من خلال معسول الكلام ، والتظاهر بالإخلاص المزيف ، والخدمة الانتقائية كل ذلك للتطويق و السيطرة ، و حين يشعر بفقد هذه السيطرة يتحول إلى عدو خفي شرس ؛ فينفث السم من أنيابه الذي يطال عرض كل فاضل و فاضلة ، لا يتورع عن هتك المستور ، دون أن يتبين لما يلقيه جزافا من تهم ، المهم أن يلطخ سمعة النافذ عن سيطرته بكل ما أوتي من قوة وبشاعة ونذالة ، إنها شخصية ناقمة ،وناقدة بشكل فج .
هذه الشخصية حقودة على الصداقات لذلك تلمزها بأقسى العبارات ، وترميها بأقذع التهم ، يؤلمها مرأى الأصدقاء ،وتشعر بالغصة من أي اتفاق أو اجتماع إنساني ، لهذا يحاول التفريق بينهم بما يستطيع ، بالتحريش تارة ، وتلطيخ السمعة تارة أخرى ، واتهام الأعراض مرات وهكذا دواليك ، حتى يهدم جدار الود بينهم ، ويسقي شجرة الشقاق ؛ فإن نجح عامل كل شخص منهم على حدة و كأنه صديق حميم ، وهي شخصية تجيد ، التنكر ولبس الأقنعة والنفاذ داخل التجمعات بقوة ناعمة ؛ ولهذا من الصعب جدا اكتشاف الاعيبه ومكره .

الحديث عن هذه الشخصية المضطربة مؤلم ومقزز لكنه ضروري لبيان خطره . وهي موجودة في كل المجتمعات تقريبا ، تتناقص أعداد هذه الشخصية السامة في المجتمعات التي ينتشر فيها العلم ويرتقى فيها مستوى التعليم ويزداد أعداد المتعلمين ، وتتكاثر مع تفشي الجهل ، وتصدر الجهالة ، ونقص المتعلمين ، فالجهل عدو المجتمعات . هذه الشخصية المضطربة السامة شخصية لم تخبرك عنها المدرسة ، وإنما تكشفها لك التجربة الإنسانية في جامعة الحياة العامة . ولهذا يكفي للتعامل معها رد السلام 

الواجب .


http://www.watannews-sa.com/articles/23855/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...