السبت، 28 ديسمبر 2019

موقف ..سيادة الرئيس ..



في عام 1980م وأثناء احتدام الحرب الأهلية في تشاد، غادرت كثير من العائلات بلادها إلى البلدان المجاورة ، ومن ضمن الذين استأجروا بجيرانهم عائلة دخلت السودان وهي لا تملك من حطام الدنيا شيئا ، وفي الوقت ذاته كانت السودان أيضا تعيش أزمة اقتصادية وتمر بسنين عجاف ، لكن أسرة سودانية أجارت أسرة تشادية مستجيرة من تلك الحروب الدامية وتكفلت لها بالمسكن والمعاش مع مكابدتها شظف العيش ، وقلة ذات اليد ، انتهت الحرب وعادت العائلة التشادية إلى بلادها ، كان موسى ابن هذه العائلة يتدرج في المناصب حتى بلغ منصب وزير الخارجية ، ثم رئيسا للوزراء ثم عين رئيسا لمفوضية الاتحاد الافريقي .
موسى فكي محمد رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي ابن العائلة التشادية التي لجئت اضطرارا للسودان . هذا الرئيس يتحدث في احتفال السودان بتوقيع وثائق الفترة الانتقالية أمام الرؤساء والوفود المشاركة من كل أنحاء العالم بهذه القصة وملخص ما قاله : أن في عنقي جميل وحب للسودان وأهله ، وفاءً لتلك الأسرة التي استضافتني وأنا في أشد الحاجة ، هذا الموقف جعلني أقف مع السودان في كل المحافل الدولية .
ومما يروى أيضا أن " ديفيد لويد جورج " الذي ولد في مانشستر 1869م وما لبث أن توفي والده بعد مضي عام على ولادته ، كانت والدته امرأة معدمة فأخذته إلى أحد ضواحي لندن الفقيرة ، واستأجرت غرفة واحدة بجانب عمه لمساعدتهم ،و ذات ليلة مطيرة وشتاء قارص ، مرض طفلها الرضيع وتدهورت حالته وأشرف على الهلاك .
خرجت الأم في ظلام دامس وشتاء مطير وضباب كثيف يلف الأجواء ، تبحث عن طبيب ينقذ ذلك الرضيع ، بالكاد وجدت من يدلها على منزل طبيب في ذلك الوقت المتأخر ، طرقت الباب على الطبيب فخرج ليجد أما مكلومة تستنجد به وتتوسل إليه أن يرى طفلها الموشك على الهلاك ، أمام إصرار دموعها ومنظر البؤس في عينيها خرج مكرها في تلك الأجواء الصعبة .
وجال في دروب البؤساء حتى عثر على الطفل في تلك الغرفة المتهالكة ، وبينما يجري الكشف عليه أخذت تجمع شيئا من بقايا نقود فتمد بها إليه مطرقة في حياء ، وبعد أن كتب لها الدواء رفض أخذ تلك النقود ومد يده بشيء من العطاء ثمنا للدواء . وشاء الله سبحانه أن يكون لهذا الطفل شأن عظيم ، عمل في المحاماة ثم ترأس حزب الأحرار ثم رئيسا لمجلس التجارة ثم وزيرا للمالية كانت سياسته تعتمد حماية الفقراء ونصر الضعفاء والمعوزين ، وما لبث أن أصبح رئيسا للوزراء في 1916م
في إحدى احتفالات نقابة الأطباء التي كان يرأسها ذلك الطبيب الإنسان دعت النقابة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج وحين ألقى رئيس الوزراء كلمته أمام الجموع الغفيرة، ذكر هذه القصة وقام إلى ذلك الطبيب وقبل يده أمام الحضور ، وقال له : لقد كانت أمي قبل وفاتها تحثني دائما على مكافئتك وأن أرد لك الجميل .
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس

نشر في صحيفة الوطن نيوز في 28/12/2019


http://www.watannews-sa.com/articles/14521/#.XgeePwIjlYl.twitter

الأربعاء، 25 ديسمبر 2019

كسوف ..قصة بعيدة







التفتت الشمس كعادتها كل صباح


إلى هذا العالم

 

المستغرق في أمواج  الألم ...



 في هذه المرة نظرت في خرائط الألم 



وهي تبحث عن شجرة تسمى شجرة الإنسانية .... 



عادت  لمستقرها،وفي السحر


تسابقت مع الظلام 


 تجري لتهدي ضياءها  


 ذات الشجرة التي سمعت  عنها ...



   تود أن تراها .. 


مدت خيوطها على الأفق ..


لتبدو لها شجرة تعارك   الضياع ...


انبهرت  ..توقفت عن مد خيوطها المذهبة ..



لم تعد شجرة الإنسانية هي نفس الشجرة ..


 لم تعد يانعة مورقة ،  نظرة مخضوضرة ...



 جفت أوراقها ، ويبست أغصانها ..


 وتكسرت  تلك الأجنحة المترفة بالأزهار ..


 وحيل بينها وبين عنفوانها ... 



الأفق يصارع القتام ..


 والريح تقذفها بوابل الهباء ..


 والجرح  يضرب بفأسه مواطن الألم ..


 وهي منحنية صاغرة باكية 


على أوراقها المتساقطة 


متدثرة بثوب من دخان ... 



توقفت الشمس حين راعها مشهد شجرة الإنسانية  .



جمعت خيوط ضوئها . 



صعرت خدها . 



وأشاحت بوجهها ..


حتى توارت حياء في كسوف . 



الجمعة، 29 نوفمبر 2019

البحث عن إنسان




البحث عن إنسان

التساؤلات الوجودية الكبرى عن ماهية الإنسان ‘ تساؤلات قديمة قدم التاريخ حيرت كبار الفلاسفة ، واحتارت فيها العقول المتسائلة عبر العصور ، ومن أجلها قامت مدارس فلسفية متباينة للبحث عن ماهية الإنسان ، مامصدره ؟ ومن أين أتى ؟  ولماذا  أتى  ؟ وما دوره في الحياة ؟ وما مصيره ؟ أسئلة كبرى حارت فيها العقول .

يُروى في السنة النبوية المطهرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيرا ما يقرأ سورة الإنسان في فجر يوم الجمعة
هذه السورة الكريمة اشتملت على إجابة لهذه الأسئلة المحيرة ، ولكنها أيضا  أكدت على مسائل هامة لدور الإنسان الأخلاقي والقيمي في هذه الحياة  ، منها حق الاختيار إما شاكرا وإما كفورا  ، والتأكيد على قيمة العقل الذي يقوم الاختيار على أساسه ،  وأشارت إلى مفهوم "  الأبرار  " قال بعض المفسرين :  الأبرار هم الذين لا يؤذون الناس ، و قال الحسن : الأبرار هم الذين لا يؤذون الذر .  وجاء بمعنى طاعة الله ،  وبمعنى الصدق ، وقال القرطبي أن  الأبرار الذين لا يؤذون أحدا ..

ومما أكدت عليه السورة الوفاء بالعقود والعهود وهذا استنبطه المفسرون من قوله تعالى  ( يوفون بالنذر )  فأضافوا إلى معناه الشرعي معنى الوفاء بالعهود ،  قال الكلبي  في مفاتيح الغيب : المراد بالنذر العهد والعقد .

 ومما أكدت عليه السورة في دور الإنسان  الأخلاقي والقيمي  قوله تعالى ( ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا ...الآية ) قال بعض المفسرين المقصود هو ، الإحسان إلى المحتاجين والمواساة معهم بأي وجه كان  ، وإن لم يكن ذلك بالطعام بعينه ، واختير التعبير بالطعام لأن ذلك من قوام الأبدان ولا حياة إلا به .  ذكره الرازي وذهب إليه القرطبي في تفسيره .

هذا الدخن الذي تغشى  منظور البحث عن ماهية   الإنسان ودوره ، والإنسان  الأخلاقي والقيمي ،  وهذه الفجوة السحيقة بين الواقع والمثال  ، لها أسبابها المختلفة .  فالبحث المتجرد عن الحقيقة في القرآن الكريم وتفسيره وفي  وصحيح السنة الذي لا يخالف نصا قرآنيا - بعيدا عن الأهواء والتحزبات -  سيقود حتما  لوصف  حقيقة الإنسان و ( الإنسان الأخلاقي  ) على وجه الخصوص  . يقول تعالى  ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين )

الأحد، 24 نوفمبر 2019

ليـــاليــــے أديــس …





منذ أن دفعني أخي أحمد لزيارة هذه المدينة أديس أبابا دفعا ..اتخذتها مصيفا ومنتزها سنويا ..أديس أبابا ليست عاصمة فقط إنها حاضنة لكل الأمم والشعوب والأديان والألوان واللغات والأفكار ، في ود وسلم اجتماعي نادر . ، اختارها المطر وعانقها السحاب وغطاها الشتاء في وقت يتلظى الناس فيه جمرا . تعانق القادمين بترحاب وابتسامة آسرة .
في كل عام التقي بشخصية لها حضورها الفكري من مواطن شتى ، من مختلف الجنسيات ، في أمسيات أدبية وفكرية وفنية أحيانا ... أمسيات هذا العام كان متحدثها صديقا وجارا أديسيا ودودا ، واعتذر عن ذكر اسمه حفاظا على خصوصيته ، كان مختلفا ، فكرا وطيبة ،وكرما ، هو رجل له مكانته واسهامه في العديد من المؤسسات .
في إحدى الأمسيات ، تحدث إلينا حديث الصديق الصادق المحب عن رؤية المملكة وتعزيز دورها الريادي وأثنى كثيرا على الأمير محمد بن سلمان واعتبره أحد القادة المجددين ، كان حديثه شائقا ومقنعا ومفيدا . كانت شبه محاضرة لكنها من طراز أخوي بين أصدقاء ومحبين ، لم أجد في حديثه تكلفا ، كان يتحدث بصدق مبشرا بمستقبل واعد وزاهر لبلادنا .
الأمسيات في أديس أبابا كانت عفوية وزيارات ودية في مدينة هادئة ووادعة ، ولكن لايعني هذا أن المدينة خالية من المشكلات ، فهي بلد افريقي يصعد على سلم الازدهار ، ويختلف الناس في تقييم المدينة والنظر إليها ، فكل ينظر إليها من زاويته . لكن المتفق عليه أنها مدينة الحرية والمطر والسلام ، وزهرة الشرق الناشئة . الماطرة بالود ، الهاطلة بالحرية ، الباردة بالابتسامة والبساطة والعفوية ، هذه الأمسيات العميقة والثرية قليلة لكنها مؤثرة وجميلة وعميقة في الذكرة

نشر بصحيفة المجاردة في 28/7/2019

دردشة في التربية





تربية المجتمع على الأخلاق الفاضلة مسؤولية النظام التربوي تشترك معه جهات مختلفة لكن تبقى مسؤوليته الأولى ، وقلب الخلق الفاضل هو الضمير الحي ؛ لذلك فصناعة الضمير الحي لا تأتي من فراغ ، إنها نتاج عمل مؤسسي ممنهج وطويل ، تساعد في بنائه مجموعة من مؤسسات المجتمع ، بداية من الأسرة ثم المدرسة والمسجد ، ثم المجتمع بكافة فئاته ووسائل التأثير فيه . البذرة تزرع في الأسرة وهي النواة الأولى لزراعة القيم الفاضلة ، ثم يتولى النظام التربوي رعايته وسقايته وصياغة الأهداف الكبرى للأجيال كي تحفظ هذا الفضيلة القيمية وتورثها لمن بعدها .
لماذا تهتم الأمم بصناعة الضمير ؟ لأن الضمير الحي في أي مجتمع هو صمام الأمان ، فحين يسترخي هذا الضمير ، أو يغفو يصبح المجتمع لقمة سائغة بيد الأعداء ، عليك أن تتخيل أي مهنة يعمل صاحبها بدون ضمير ، حين يغفو الضمير تنهار المجتمعات وتأكل بعضها بعضا وتموت فيها الفضائل . . لهذا كانت الأمم تعنى عناية خاصة بصناعة الضمير الحي .
إن الأم الفاضلة والأب الجدير بالاحترام والأسرة النبيلة تقوم على رعاية بذرة الضمير الحي في أبنائها ، ثم تستلم المؤسسات التربوية زمام الأمور بما تشمل من التربويين ودورات تطوير الذات والمهتمين بالشأن التربوي ، جميل أن نهتم بالطموح لكن الحذر من تغول وحش الجشع وفرط الأنانية والحرص على الفردانية في أبنائنا ، بدعوى الطموح ، .
إن العناية بتربية الضمير الحي وقيمة العطاء والوفاء وجملة الأخلاق النبيلة مسؤولية النظام التربوي في المقام الأول ، ولذلك أقول لكل تربوي : خير مشروع تقدمه لوطنك ولأمتك ويأتيك أجره حتى بعد مماتك هو " صناعة إنسان بضمير حي "
بقلم : محمد عايض آل عمر _ جدة

السبت، 7 سبتمبر 2019

الحب الخالد




الحب أساس بناء العلاقات الإنسانية وعليه تأسس المجتمعات  ، و تقوم الأديان وتبنى  الأسر، وهي عماد المجتمع وأس بنائه وصلب قوامه ، ولكي يقوم هذا الزرع ويستوي على سوقه لابد أن يُسقى بغيث الحب والصبر والعطاء والوفاء ، ثم رضا الله من قبل ومن بعد .
بغير الحب تتصدع المجتمعات وتهدم الأسر وتجف أغصان الشجرة وتغدو أوراقها في مهب الريح ،وهكذا البيوت التي تبنى على غير الحب تبنى على جرف هار ٍ، إنها بيوت خالية من الأنس يتردد بين أصدائها عويل الهجر ، ويعلوها صراخ الظلام ، وغبرة البغض ، وقترة سوء الخلق ، ويشتد الحزن حين يتشرد الناس  في أودية الشتات .
الإسلام برئ من تلك الأفكار التي ترى أن الحب جريمة أو نقيصة أو عار يجب وأده - والحديث هنا عن الأسرة – وأن المرأة كائن لا كرامة له ، ولا يعتد برأيه ، ولا حقوق له ، مهما كانت مشروعيتها إرثا أو نكاحا إلى غيرها من الحقوق المسلوبة ، باعتبارها كائن ٌ غير مكرم كما يقال عند بعض الجهلة المتعصبين ( حرمة وأنت بكرامة ). فلا ينطق باسمها باعتبارها ، عار يخجل عند ذكره . فكيف لمثل هذا أن يعترف لمن من يراها مسلوبة الكرامة وحق الإكرام .. بعاطفة نبيلة قامت عليها كل الأديان ؟!
إن وراثة الأفكار كوراثة الأشياء إلا أنها أشد تأثيرا وأبلغ أثرا . هذه الأفكار الملوثة - بالتهميش والدونية والاحتقار وسوء المعاملة وسوء الخلق والتعاسر والصراع والتسلط الأهوج ، وشن الحرب على العواطف النبيلة المشروعة - ينبغي أن لا تكون مرجعا لبناء مجتمع سوي وأسر صالحة مترابطة مثمرة .
كان النبي ( صلى الله عليه وسلم )كثير الثناء على أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وكثير الإكرام لصديقاتها بالصدقة والمعروف ، وهو القدوة والمثال الأكرم في الحب والوفاء والصبر والعطاء ، فعلاقته بالسيدة خديجة رضي الله عنها نموذجا يحتذى في العلاقات الأسرية والحب الخالد ، وهو كذلك مع باقي زوجاته ( صلى الله عليه وسلم ) .
تروي كتب التاريخ قصصا ملهمة من روائع الحب الخالد العظيم : يروى أن نبوخذ نصر ( بختنصر ) أحد ملوك الكلدان وأحد أقوى ملوك بابل وبلاد ما بين النهرين ، كان له زوجة لم تأنس لحياة الصحراء في بابل فما كان منه إلا أن بنا لها حدائق بابل المعلقة والتي عدت فيما بعد من عجائب الدنيا ، كل ذلك من أجل ( سمير أميس ) زوجته والتي حظيت بمكانة عالية لديه لرشدها وطوعها وإخلاصها .
الحب يثمر الحب ، والتقدير يثمر التقدير ، والثقة تثمر الثقة في النفوس السوية ، فالحياة الأسرية حياة محبة ورحمة وود ، وشراكة رحلة في سفر الحياة الطويل ، عمادها الفهم وأصولها الحب وجذورها المودة وثمارها الرحمة والوفاء والإكرام .
كانت زبيدة بنت جعفر بن المنصور من أهم نساء الدولة العباسية وأكثرهن شهرة وحظوة ومكانة في دولة بني العباس . زوجها الخليفة العباسي "هارون الرشيد " كان يكن لها ما يفوق الوصف تقديرا وإجلالا ، فحين أشارت عليه بإنفاذ مشروع سقيا الحجيج وهو المشروع الذي يعنى بتوفير الماء على خط سير الحجيج من بغداد إلى مكة مجانا - وهو المشروع الذي عُد ضربا من الخيال في زمنه - أمر بإنفاذه برغم تكاليفه الضخمة ، وسمي بعين زبيدة إكراما لهذه السيدة الجليلة . (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم ) .
ومما ترويه كتب التاريخ أيضا أن الملك المسلم شاه جهان ( شهاب الدين ) تزوج المرأة الصالحة ( ممتاز محل ) التي منحته الحب الصادق ، والعناية الجليلة ، وسمو الرعاية ، فوق ما تمتعت به من حكمة وروية وحسن تدبير .
رافقته في كل أسفاره ورحلاته الرسمية والعسكرية ، لم تكن ذات شخصية مستكبرة أو عالية مباهية ، بل وُصفت بأنها حانية القلب عطوفة الفؤاد شفيفة الروح ، لينة طيعة ، محبة للخير ، باذلة للفقراء ودودة للمساكين ، أغدقت الحب وبذلت بسماحة وصفاء ، فأشرقت على من حولها بهاء ً ونورا فأجلها الملك وأحبها حبا عظيما ، وشاء الله أن تتوفى هذه الزوجة الصالحة فقرر الملك أن يرد الوفاء بالوفاء ، والحب بالحب ، فبنا قصر التاج ( تاج محل ) تخليدا ووفاءً وتعبيرا عن حبه الخالد ، ومازال تاج محل شامخا وشاهدا على مدار التاريخ على ذلك الحب الأسطوري .
إن حب الرجل لأهله قيمة إنسانية راقية ، ومسلك أخلاقي قويم ، حث عليه الأنبياء وهو فضيلة عظمى لا يتخلق ولايتحلى بها إلا النبلاء والعظماء من كرام الرجال ، ، وهؤلاء هم من خلدوا القيم العظمى ، وبنوا الشواهد الأسطورية ، ورسموا الصورة المثلى للحياة الأسرية القائمة على مثال الحب الخالد .
محمد عايض آل عمر

نشر في صحيفة المجاردة
2/7/2017

الأحد، 2 يونيو 2019

ذو حظ عظيم







مع تفشي القطيعة وانتشار التدابر والتباغض ، لعوامل مختلفة وتحول الحياة إلى صراعات متنوعة ، ولأن هذا السلوك قد تجده من ذي رحم أو قريب أو صديق أو جار ، ولا تخلو الحياة من صراع في المجتمع الأسري أو المحيط الاجتماعي ؛ لهذا عالج القرآن هذه القضية حفاظا على النسيج الأسري والبناء الاجتماعي .
نهى الإسلام عن قطيعة الرحم مهما كانت حدة الخلاف ، واعتبرها من الإفساد في الأرض ، وعد القاطعين لأرحامهم مفسدين " بنص الآية " وتوعدهم الله باللعنة وسوء الدار ،. قال تعالى ( وَٱلَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ ٱللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأرض أُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ ٱلدَّارِ ) هذا الوعيد وهذا الجزاء بسوء الخاتمة ليس سهلا على الإطلاق .
لقد أصل القرآن علاجا لهذه الحالات يتمثل في القاعدة التربوية القرآنية ، في تعامل المسلم مع الآخرين في محيطه الاجتماعي ، في قوله تعالى ( وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ٱلَّذِينَ صَبَرُواْ وَمَا يُلَقَّاهَآ إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ )
ادفع بالتي هي أحسن أي بالصبر والحلم والعفو ، وأن لاترد على الإساءة بمثلها ، وان تفعل الخير ما ستطعت وترد بالتي هي أحسن ، وهذا من فيض العفو والصفح وقوة التحمل والصبر . فإن الصبر على سوء الخلق والفعل القبيح ، وعدم مجاراته بالسفه والإيذاء هو من الدفع بالتي هي أحسن .
إن هذا السمو الأخلاقي وهذه الصفات الكريمة والعظيمة ،المتمثلة بالصبر على المكاره ومشاق الأذى ، وسوء الخلق هي من طبيعة الكرماء العظماء ، قال الزجاج وما يلقاها أي " فضيلة الصبر " - على تحمل المكاره وتجرع الشدائد ، وكظم الغيظ - إلا ذو حظ عظيم من قوة النفس ، وصفاء الجوهر وطهارة الذات ، ومايلقاها إلا ذو حظ عظيم من الأخلاق الفاضلة التي يكون جزائها الجنة .
إن القدرة على الصفح ودفع الأذى ليس بالحسنى فحسب بل بالتي هي أحسن هذه القدرة هي أعظم ما يوهب للإنسان من فضيلة ، لأن هذا يهدئ سخائم النفوس ، وزخم التباغض والتدابر . في الحديث الشريف (" أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَكْرَمِ أَخْلاقِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟ تَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَكَ , وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ , وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ ) إن مثل هذه الأخلاق الفاضلة هي الحظ العظيم الذي يستحق به الإنسان التكريم في الدنيا و الآخرة .
هذه القاعدة التربوية القرآنية تقوي روابط المجتمع وبنائه الاجتماعي وتبني العلاقات الأسرية ، وتعين على صلة الرحم ، وتردم هاوية الجفاء ، وتصل ما أمر الله به أن يوصل ، وتبني شجرة الحب ، والتآلف والتسامح ، لهذا وصف الله المحظوظ بهذه الصفة بأنه ذو حظ عظيم .

نشر بصحيفة المجاردة 29/9/1440
2/6/2019
http://almajardh.com/articles/215383.html

الأربعاء، 15 مايو 2019

دور الفرد في سلامة المجتمع







لم يجعل الإسلام شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، مسؤولية فئة محددة أو وظيفة أفراد معينين فحسب ، بل جعل هذه الشعيرة مسؤولية كل فرد مسلم في المجتمع المسلم ذكرا كان أو أنثى دون تمييز .

 وعلى المسلم مسؤولية الأمر بالمعروف فيما يستطع في دائرته ابتدأ بمن يعول من أسرته ، وجيرانه الأقربين  ، وزملائه ، وأصدقائه ، والأقرب فالأقرب بالمعروف وبالحكمة وبالموعظة الحسنة ، دون عنف أو تجريح أو إساءة.

لأن تخلي المجتمع عن هذه المسؤولية ، هو تخل عن دور اجتماعي مهم وهذا التخلي له أثره السلبي على المجتمع  ،  الأمر بالمعروف يدخل فيه ما يشمل سلامة المجتمع ، يشمل الأخلاق ، و احترام النظام العام ، والحرص على الممتلكات العامة ..الخ مما يجب الحفاظ عليه ، إن هذا من التواصي بالحق ، والتواصي بالصبر على الخير  .

 لقد ذم الله أقوما بتركهم هذه المسؤولية الاجتماعية فقال ( كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ... الآية). فالجميع مسؤول عن سلامة المجتمع .


الأربعاء، 1 مايو 2019

المعنى والقيمة




كثيرون يبحثون عن معنى لحياتهم ، وقد يغدو هذا المعنى من خلال القيم التي يسعى الإنسان للوصول إليها وتحقيقها . هذا المعنى هو الذي يسمو بالإنسان أو يهبط به ، فإن كان المعنى ساميا غدت حياة الإنسان سامية ، وإن بحث عن معانٍ هابطةٍ تسفلت القيم  في حياته ثم  سلوكه .

 إن البحث عن المعنى من خلال القيم الفاضلة والدعوة إليها والعمل على تحقيقها للاقتراب من المثل العليا ؛ يحول حياة الإنسان إلى دعوة للقيم الفاضلة ويتخذ طريقها منهجا ويتخذها أسلوب حياة    .

بينما  من يبحث عن قيم سافلة يتسفل سلوكه وتتسفل حياته كلها ،وما ذاك إلا  لثمن بخس ، أوشهرة زائفة ،  أو مكانة موهومة مزعومة فارغة . كلما ارتقى الإنسان في البحث عن معان سامية ارتقت جملة حياته ، وإن تسفل المعنى والقيمة أمست الحياة سافلة ( بل  الإنسان على نفسه بصيرة ) والإنسان ينظر أين يضع نفسه .

أثر المكان على الإنسان





دراسة تأثير الأرض على الإنسان . هل يؤثر المكان الذي يعيش فيه الإنسان على صحته ومزاجه وهل يؤثر في حالته النفسية ؟ماهي المؤشرات التي يمكن الاستفادة منها في حياتنا فيما يتعلق بخصائص المكان ، وتأثير الأرض على الإنسان ، وهل وردت إشارات لهذا العلم في القرآن والسنة ؟
بدأ باحث اسمه ( فان بول )سنة 1930 بالتوجه إلى بلدة " بترسبورج " وجلب خريطة البلد وكل حالة سرطان في المدينة وموقعها على هذه الخريطة فوجد شيئا غريبا جدا أن 80%من حالات السرطان مركزة في 10%من المساحة ، يعني توجد علاقة جغرافية ويوجد في الأرض أماكن سرطانية وأماكن غير سرطانية ..فبدءوا ذلك بسؤال الفلاحين عن خصائص هذه الأماكن ..فقالوا لهم إن هذه الأماكن تكون معروفة بأن فيها تقاطعات أنهار جوفية بزوايا معينة تحدث ضررا كبيرا لأي شيء فوقها .
بدءوا يبحثون فوجدوا فعلا أن المناطق في بترسبورج التي فيها 90% أو 80% من السرطانات فيها تقاطعات أنهار جوفية كثيرة فنشأ ، علم بيولوجية الأرض بمعنى دراسة تأثير الأرض على الإنسان وكيف يكون كل مكان له تأثير مختلف على الحياة بمن فيها الإنسان .
ومن ضمن الاكتشافات أيضا وجد طاقات في الأرض على هيئة خطوط طاقة ودرسوا مدى تأثيرها على النبات فوجدوا مثلا شجرة قائمة على خطوط طاقة سالبة ، وظهر على هذه الشجرة أورام سرطانية كالتي تصيب الإنسان . أطلقوا على هذه الخطوط اسم " هارت مان " نسبة لمكتشفها .
تذكر د. مها العطار في كتابها طاقة المكان أن قدامى الفلاحين يعرفون مواقع الطاقة الخبيثة في الأرض من خلال الأشجار الملتوية بطريقة غريبة وتؤثر هذه الأماكن على الحيوانات فلاتدر حليبا ، أما المواليد فغالبا ماتخرج ميتة، إضافة إلى أن الحيوانات تصاب بأمراض مستمرة .
وقالت أيضا : إن من المواقع التي لاينصح باستخدامها لآثارها الضارة ؛ المواقع التي تكون تحت خطوط كهرباء الضغط العالي لتأثيرها السلبي على حياة الإنسان ،وتروي أيضا أن قدماء المصريين كانوا يجربون الحيوانات كالخراف مثلا يضعونها في الموقع الذي يريدون بنائه فإن تضررت وأصيبت تركوه لموقع آخر .

هناك مؤشرات في القرآن الكريم والسنة النبوية تشير إلى خصائص المكان فقد ذكر الله سبحانه وتعالى بلدة طيبة فوصف أرضا بالطيبة وفي المقابل وصف أرضا بالذي خبث بمعنى أن هناك أرضا طيبة وأرضا تحمل خبثا . ، وفي وصف المسجد الأقصى وصف الله المكان بالذي باركنا حوله .

في السنة النبوية وصف الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة بأنها خير لهم . وفيها جبل أحد وهو مكان وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه جبل يحبنا ونحبه . هذا يعني أن للمكان مشاعر خاصة . كما أشار النبي إلى بعض الجهات وحذر منها لتفشي الفتن أو انتشار المرض فيها ، وفي الحديث الصحيح ان النبي (ص ) - يقول في الرقية : ( تربة أرضنا ، وريقة بعضنا ، يشفى سقيمنا ، بإذن ربنا ) وهذه إشارة إلى تأثير المكان على الإنسان والأدلة كثيرة عن علاقة الإنسان بالمكان وتأثره به وتأثيره عليه .
نؤمن عقيدة بأن الله هو النافع الضار ، لاشك في هذا مطلقا ، و كما خلق الله الفيروسات التي لاترى بالعين والأثير الذي تنتقل عبره الموجات ، والموجات الكهرومغناطيسية - هو سبحانه أيضا أوجد هذه الأماكن الضارة لحكمة ارأدها ، والبحث في طاقة المكان هو بحث لتجنب الأماكن الضارة في الأرض المهددة لحياة الناس ، من خلال موجات غير مرئية ، وهذا لا يتعارض بشكل من الأشكال مع العقيدة الإسلامية .التي تحث على العلم والبحث والاكتشاف . وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .

الثمن والتاريخ

استوقفني حديث أحد أساتذة الجامعة يحمل دالاً ( دكتور ) حين قال : ندمت على شهادتي وتمنيت التجارة واستغربت لهذا التشوه المعرفي لدور المهن والخلل القيمي وتقديم جمع المال على العلم الذي تكفل الله برفعة أصحابه .
هذا مثال على الخلط بين أدوار المهن المختلفة وأهمية كل دور والتخلي عن خدمة الناس والمجتمع والبحث عن المكاسب المادية فقط ، ولكي تتضح الصورة تخيل أن كل موظفي القطاع العام تجارا : المعلم ، الطبيب ، القاضي ، ورجل الأمن !! .... كيف يكون المجتمع !!

برغم أهمية التجارة إلى أنها لاتعلو على العلم ، ولا حتى على المهن التي تفوقها أهمية ، كالزراعة والأعمال الصناعية والحرفية والمهن المختلفة فبدون هذه المهن لاتقوم تجارة حقيقية قائمة على سلع إنتاجية .
التجارة ليست مهنة من لامهنة له والعمل بها ليس هينا على الإطلاق فهي كأي مهنة لها صفاتها وخصائصها وطبائعها الأخلاقية ومنطقها الخاص ومواقفها ونظرتها المصلحية الخالصة التي قد تتعارض مع بعض القيم والأخلاق العليا في حالة تجاوزها .
مخطئ من يظن أن كل بائع يصلح تاجرا ، أو قائد مركبة للتأجير أو معدة لأعمال خاصة أنه أصبح تاجرا فيترك مهنته ويقصر بأداء واجباته الوظيفية على وهم أنه أصبح تاجرا لايشق له غبار .

فرق بين جمع المال بأي طريق وبين ريادة الأعمال وهنا يمارس وعاظ التدريب الخلط بين قرار الثراء الشخصي وبين العمل المؤسسي لريادة الأعمال المبرمج . لأن قرار الثراء العشوائي يحتمل الوصول اليه بكل الطرق النزيهه وغيرها وعلى حساب المهام الوظيفية العامة فقصر هنا وهناك .
أما ريادة الأعمال فهي عمل يستحق التقدير وجهد منظم وصاحبه متفرغ له ، ومع هذا التفرغ قد يصل للوفرة المالية وقد لايصل ، لكنه على كل حال لديه هدف نبيل وهو تقديم خدمة عالية الجودة للمجتمع . وهذا الجانب ليس المقصود بالحديث .
أن تجيد ما تعمل فأنت ثري لأن الغنى الحقيقي هو أن تدرك معنى حياتك ، وقوة تأثير دورك الإيجابي فيما أسند إليك من عمل والمال يأتي تبعا لذلك ، أما من تدور حياته بكل تفاصيلها الدقيقة حول جمع المال فهذا يعيش حياة بائسة لامعنى لها مهما جمع من ثروة . وكم من ثري المال عاش من أجله فقط فمات بائسا مخنوقا بجرائمه .
أعظم ثروة أن تكون حياتك من أجل هدف نبيل وعظيم تحقق به خير الدنيا ونعيم الآخرة ، الأمثلة لاتحصر لأولئك الذين عاشوا حياة بسيطة لكنها عظيمة وحققوا أعمالا جليلة ، ، التاريخ لايخلد التجار لأنهم قبضوا الثمن ، وإنما يخلد القادة والعلماء والرجال الذين عاشوا من أجل رقي مجتمعاتهم وضحوا من أجل رفعة بلادهم ولم يقبضوا الثمن وتركوا تقدير الثمن للتاريخ .


الجمعة، 19 أبريل 2019

التكريم في المدارس






تعنى كثير من المؤسسات التربوية بجانب التكريم نهاية كل عام ، كجزء من منظومة التحفيز للعاملين فيها . ولأن التحفيز واسع في أهدافه ونظرياته وأنواعه نقتصر على بعض الملاحظات في التكريم .
التكريم جزء مهم من منظومة التحفيز بشقيه المادي والمعنوي ، سواء مايعنى بالجوائز الاقتصادية والعينية على وجه الخصوص أو الجوائز المعنوية كتفويض السلطة والترقيات والمهام الإشرافية والصلاحيات وتكليف المهام الخارجية ...الخ
الجانب المهم في عملية التكريم أن لا تكون عشوائية أو قائمة على معايير المصلحة ، والعاطفة والتقدير الشخصي ، إذ لابد من خطة واضحة ومعايير معلنة وصريحة قابلة للقياس لكل مجالات التكريم ، وتكون شاملة وعادلة وشفافة ، والفرصة فيها متكافئة لكل العاملين على حد سواء . وهذه الخطة يمكن اسنادها لمجلس المدرسة أو لجنة مشكلة لإعداد هذه الخطة .
التكريم والجوائز لها حساسيتها النفسية بين فريق العمل لذا إذا لم تكن معيارية فقد تأتي بنتائج عكسية وسلبية في أغلب الأحيان على فريق العمل ، كما لا ينبغي أن تذهب أكثر الجوائز لشخص أو شخصين حتى لو كانوا مثالا للتميز فكل شخص في فريق العمل يحظى بجانب تميز يحمد فيه .
حين يحظى التكريم بهذه المعيارية العادلة والشفافة يكون حقق الأهداف المرجوة من زيادة العطاء ، والإبداع ، والانسجام التام بين فريق العمل ، وتلبية الحاجة للتقدير ، وشكر المحسن على احسانه والعامل على عمله .

الأحد، 7 أبريل 2019

رد الجميل






لاتجعل مفهومك لرد الجميل متعلق مكاسبك المادية  فحسب :
كل من وقف معك في حالة ضعف ليقويك
واساك في حزن ، وعادك في مرض
أوجاء يسليك من  هم ،  وأعانك في تفريج غم
فرد له الجميل ..

من قابلك بسعة الصدر وأنت في طيف غضبك
وتغاضى عن طيش زللك ، وجموح جهلك
 فرد له الجميل

من رد عنك في غيبتك وأثنى عليك
وشرع  محاسنك أمام حاسديك وكبت شامتيك
وكان درعا واقيا من سهام أعاديك
فرد له الجميل ..


من ملأ قلبك حبا وعطفا
ومن ملأ كيانك إشراقا ونورا وصفاءً
وكان لك مرفئا وشاطئا
فرد له الجميل

لاتبخل برد الجميل لكل من عاملك بود

الأربعاء، 16 يناير 2019

صورة لمعالي الوزير







معالي وزير التعليم تكرم مشكورا بفتح ملف معقد وشائك وهو ملف مشكلات التعليم في الصفوف المدرسية ، باعتبار المدرسة مركزاً للصياغة والإنتاج التعليمي التربوي ، وتمنى اسهام الميدان في طرح قضاياه والمشاركة في إيجاد الحلول .
تختلف المشكلات المدرسية وتتنوع بتنوع المناطق والإدارات التعليمية المختلفة ، لكنها بشكل عام تتفق في خطوط عريضة ، خاصة في المدن الكبرى ، والصورة داخل المدرسة ليست وردية بشكل عام سواء في القطاع الحكومي أو الأهلي .
من أبرز القضايا المدرسية التي يتحدث عنها الزملاء في القيادة المدرسية ، هي تلك الأعباء المصاحبة للدور التعليمي والتي نحت بهم جانبا عن ممارسة دورهم على الوجه الأكمل في التعليم والتوجيه والرقابة والمتابعة والجودة
على سبيل المثال: متابعة الصيانة المدرسية ، الكثرة الكاثرة من البرامج واللقاءات والفعاليات التي تستقطع من وقت وجهد قائد المدرسة ، حاجة المدرسة إلى الكوادر المتخصصة في كل تخصص ، متابعة المقصف المدرسي والعهد المدرسية ، وأطنان من أوراق التعاميم المتوالية ، يقابل هذا ضعف في الصلاحيات الممنوحة ، وندرة الحوافز وضعف جودة التدريب ، وهذه مجرد عناوين لتلك الأعباء وفيها تفصيلات كثيرة لا يسع المجال لذكرها .
تحدث معالي الوزير عن الصفوف الأولية ، وعن ضعف الناتج التعليمي ، فالمعلمون أيضا لايعرفون سببا لذلك الضعف برغم جهودهم المضنية ، لكن بعضا منهم يعزو ذلك إلى الأعباء التي ينوء بها كاهلهم ، من جدول حصص مزدحم . أو فصول مكتضة حد الاختناق ، وسيل عارم من مهارات التقويم المستمر ينوء بحمل أوراقها أولو العصبة ، ناهيك عن حصص الانتظار والإشراف اليومي بشقيه ، وحصص النشاط والريادة ...الخ من الأعمال التي شتت تركيز المعلم في هذه المرحلة الذهبية وأسهمت بكل تأكيد في انخفاض مستوى الناتج التعليمي مع كل هذه الجهود المضنية .
الدور الإرشادي يعاني أيضا من كثرة البرامج وتواليها دون التأني لقياس مستوى الأثر ، ليست العبرة بكثرة الأفكار تتلوها أفكار ، وبرامج تتلو برامج . ركام هائل من أوراق وصور وتوثيق ونماذج وجداول ،حولت العمل إلى رصد وجمع ملفات ضخمة دون معرفة الأثر الناتج ، كل هذا الصخب أخذ المرشد من دوره الميداني وقلل مستوى علاقته بالمسترشدين واصبح في دوامة من الأفكار المبعثرة والبرامج المتناثرة . وبرغم الإيمان بأهمية التوثيق إلا أن المبالغة فيه أسهمت في ضعف الأداء الميداني.
معالي الوزير وضع يده على مكمن الألم في الصفوف الأولية ،وبرغم الخلاف حول التقويم المستمر ، يرى كثير من التربويين أن التقويم المستمر كان ومايزال أحد أسباب ضعف المخرج التعليمي ، نظرا لصعوبة ضبط آلية القياس ، وتبعثر أدواته ، وضعف الصدق والثبات في نتائجه . وإطفاء شعلة الدافعية و المثابرة لدى التلاميذ ، وإن كان بعض التربويين يرى عكس ذلك .
في الختام هذه صورة مصغرة لمعالي وزير التعليم عن بعض هموم المدرسة في خطوطها العريضة ولاشك أن الكل يعمل جاهدا لبناء جيل يرقى لطموح القيادة ، والكل لديه الأمل في التعاون المثمر ؛ لبناء مستقبل واعد ، كل الشكر لمعالي وزير التعليم على اتاحة الفرصة للمدرسة كجزء من الميدان أن تعبر عن نظرتها في بعض ما يعترض طريق تحقيق أهدافها . والشكر أيضا لكل الزملاء الذين أسهموا بآرائهم ، متفائلين بالخير ، والقادم أجمل بإذن الله .
محمد عايض آل عمر
جدة

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...