الأحد، 5 نوفمبر 2017

الإنسان المُسَتهلَك

هل فقدنا بساطة الحياة ؟ وهل نحن مُستَهلِكون أم مُستهَلَكون ؟ الطبقة المتوسطة بالذات ليست فقيرة بشكل عام ، لكن الإسراف للخيلاء والتقليد الضار سلبتها متعة البساطة في الحياة ، واستنفدت طاقتها واستهلكت زينة أيامها في ضرورات لم تكن لتأخذ كل هذا الجهد والمال والعمر الطويل في قضاء مديونياتها ؛ لو سارت كما أراد الله لها أن تكون لذا ؛ تحولت من حياة بسيطة جميلة إلى حياة استهلاكية معقدة ، مُستهلِكة أعمار البشر في التباهي والتقليد ، معتمدة الإسراف والمخيلة في ضروريات حياتها .
ومن أمثلة ذلك : ضرورة بناء الأسرة . فبناء الأسرة في الإسلام – وأحسبها في كل الشرائع السماوية – بسيط غاية البساطة أو هكذا ينبغي أن يكون ، خال من كل تعقيد ؛ بناء على التعاليم والوصايا النبوية ،لأن حفظ النوع البشري مقصد من مقاصد الشريعة ، ففي السنة النبوية ” أولم ولو بشاة ” فإن لم يكن ..” بمد ..من شعير ” أو “خاتم من حديد ” أو بفاتحة الكتاب . هكذا فقط . وبكل بساطة .
لكن ما يحدث في واقعنا خلاف ذلك ، فمن بداية حياة الإنسان في البحث عن شريك لحياته ،يبدأ مشوار الدخول في متاهات من الإسراف والفخر والخيلاء ، ويبدأ الإنسان المتوسط الدخل في دهاليز الديون المركبة ونهرالإسراف الكبير الذي يستهلك عمره في تسديد قروضه ، بينما نهت الشرائع السماوية عن هذا الإسراف ، والشريعة الإسلامية على وجه الخصوص تجعل المبذرين إخوان الشياطين .
وتأتي الضرورة الأخرى لحياة الإنسان في أهمية مسكن لائق ولتحقيق هذا يتكلف من أجله ما لا يطيق ، ويحمل ديونا لا طاقة له بها ينوء بحملها العصبة أولي القوة ، وليس ذاك لأجل سد حاجة المسكن فقط ؛ فإن هذه الحاجة الإنسانية الماسة يمكن سدها بالقليل من المال لو كان الاحتياج فقط هو المعول عليه ، ولكن الفخر والخيلاء استقطعت النصيب الأكبر من الأموال ، وساهمت في صنع أثقل الديون وأشد الأغلال قسوة على مر التاريخ ، وحولت الميسورين إلى معوزين منهكين و استهلكت عمر الإنسان ، وأفقدته متعة العيش ورفاهية الحياة .
وأترك لك النظر في بقية الأشياء التي استهلكت حياة الناس للعيش بترف زائف مفرط في الديون ، مظهره الرفاهية وعمقه التعاسة والكآبة والقطيعة والحرمان وفقد الحرية ، والعيش النكد ،ولك أن تتخيل لو أنه عاش حياته ببساطة بلا تكلف كما يعيش بسطاء البشر في هذا العالم ، كيف ستكون متعة الحياة ؟ وكيف ستكون نفسه مطمئنة راضية ملؤها السكينة ، الحب ، السلام ، والحرية .

نشر في المجاردة اليوم 23/10/2017

الملفات المعلقة ... أمام الفيصل






التربية والتعليم هما أساس النهضة لسائر الأمم ، أمام وزير التربية والتعليم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بعض الملفات المعلقة لوزارة التربية والتعليم والتي استعصت على الحلول ، وتأجل النظر فيها لتظل معلقة زمناً طويلاً .

أولى هذه الملفات المهمة الإسهام في إعادة النظر في فلسفة التربية والتعليم بما يوافق روح الشريعة ومعطيات العصر ، وأدواته ومتطلباته الملحة في إعداد القوة ، وبناء الإنسان المسلم القوي ، الذي يستطيع مجاراة عصره ويحمل قيما وأخلاقا بحجم رسالته الإنسانية الخالدة ، وصياغة هذه الفلسفة في رؤية ورسالة تكون واقعا ملموسا ومشهودا .

ويعد ملف المعلمين والعناية بهم منذ الخطوة الأولى ، تأهيلا وإعدادا، ثم عناية بكامل الحقوق المادية والمعنوية ، بما يرقى بهم إلى سمو مهنتهم وعظم رسالتهم . لقد تدنت مكانة المعلم إلى مستويات غير مقبولة اجتماعيا، وأضحى مرمى السهام ومتنفس الغضب من كل المشكلات الاجتماعية . وتولته الوسائل الإعلامية البائرة الخائبة ، الضعيفة على الآخرين المستقوية على المعلمين ، لتصب جام حقدها عليه ، ليزداد وهنا على وهن وألما على ألم .

ومن الملفات المهمة ملف المناهج ، ويمكن القول أن للمناهج جانب مضيء يشكر، وجوانب قاصرة قصورا شديدا حتى كأنها مناهج " تغدق فقرا " حين تتبرأ من مهارات الحياة ، فيتخرج دارسوها في نهاية المطاف صفرا منها ، يتباهون بخلو الوفاض ، لا يجيدون ولا يتقنون أي شي ، ولا يستطيعون التعامل بالحد الأدنى مع أبسط الأشياء الحياتية ، في ظل حاجة ماسة إلى الماهرين في كل شي ، وفي ظل تسلط الآخرين ،واستغلال حاجات الناس ، وضعفهم وجهلهم بأبسط الأمور . فاقتصاد من أضخم الاقتصادات العربية جذب أكثر من 9 ملايين وافد للعمل بينما يعيش أبناؤه بطالة مزرية ، وجهلا مركبا بأبسط الأمور الحياتية ، فأين يكمن الخلل ؟ .

و لا ريب أن من الملفات المهمة أيضا ملف نقص المباني الحكومية للمدارس ، واللجوء إلى المباني المستأجرة في كثير من مدن المملكة وقراها وهجرها ، ففي ظل تزايد أعداد الطلاب عاما بعد عام ، تتزايد الحاجة إلى المباني المدرسية ، والآن تعد الحاجة ماسة إلى مزيد من المباني المدرسية في ظل تكدس الطلاب في المدن الكبرى حيث يعاني أولياء الأمور معاناة حقيقية في حصولهم على مقاعد في مدرسة حكومية ، ناهيك عن المباني المستأجرة التي لا تفي بالحد الأدنى من متطلبات البيئة التعليمية السوية والترفيهية والتثقيفية الموجهة .

ومن الملفات المهمة أيضا ملف انتقال المعلمات والتي كانت السبب في إزهاق أرواح بريئة ، وتشتت أسر حتى أضحت مشكلة اجتماعية لها آثارها الممتدة على بقية أفراد الأسر ، وبالتالي على المجتمع ككل . ومما يشار إليه أيضا ضمن هذا الملف النقل المدرسي فالتحول إلى وسيلة نقل مدرسية سيكون له أثره الإيجابي في انضباط الموظفين والطلاب والمساهمة في تخفيف الزحام ساعة الذروة في المدن الكبرى .

ومن الملفات المهمة ملف التعليم الأهلي وواقعه المؤسف والمؤلم ، فكثير من المدارس الأهلية هي أشبه بسوبر ماركت للشهادات ،وقد يرقى بعضها إلى ناد 5 نجوم الطالب فيه دائما على حق مهما فعل ، وحين نذكر هذه المدارس لا نلغي المدارس " النادرة " المعروفة بالتميز أما البقية فإن قضيتها الكبرى هي البيع بالجملة ، دون شعور بخطورة الخداع والتدليس والغش في أثمن ثروة للوطن بل هي الثروة الحقيقية للوطن .

ومن الملفات المهمة ملف البيروقراطية ، و بعض القيادات التربوية المتراخية أو المهتمة بالبهرجة الإعلامية وذر الرماد في العيون والتزلف الممجوج على حساب الإنجاز الحق . كل هذه الملفات المعلقة وغيرها تحتاج إلى رجل بوزن الأمير خالد الفيصل يقود التغيير والتحول الكبير نحو الأفضل نحو التقدم والرفاه ونحو بناء الإنسان المؤمن القوي مسترشدا بقوله صلى الله عليه وسلم ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) .

نشر في صحيفة المجاردة 25/12/2013

من أين اكتسبه وفيم أنفقه ؟






الفساد المالي واستغلال المال العام من أجل المنفعة الخاصة أشد أنواع الفساد تدميرا للمجتمعات ، هذا النوع من الفساد ليس له عنوان أو عمر أو منصب ، إنه بلاء ووبال يصيب المجتمعات في كل أصقاع الدنيا ، يزيد بضعف التشريعات والرقابة ، وينقص بقوة المجتمع المدني ، وحرية التعبير ، وقوة الرقابة ، واستقلال القضاء من أين لك هذا ؟ سؤال حاضر في ذهن المجتمع حول كل متغول في المال الحرام ، ولم تردعه الخشية من الله ، أو من الناس حين يباهي بثروته وعقاراته ، وهو من كان إلى وقت قريب من أولي الدخل المحدود ، كيف هبطت هذه الثروة على هذا الرجل وحده ، مع أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة ، لكن حين تدقق النظر في أسباب تلك الثروة المفاجئة ؛ تجد كسبا غير مشروع كان يهطل بأكثر من ذلك .

في المجتمعات الذي تضعف فيها الرقابة ، ويظهر مثل هؤلاء اللصوص ، يبقى دور الإعلام النزيه البحث عن الحقيقة وتعرية الفساد و الفاسدين ، ونشر قضايا الفساد والتشهير بها ، بدلا من تلميعهم وتصويرهم ، وهم يمثلون على المجتمع بسماجة وسذاجة دور العصاميين ، فيما المجتمع يعرف حقيقة أمرهم ، إنهم ثلة من الفاسدين ولصوص المال العام ، وشرذمة قليلة من المحتالين على مجتمعاتهم ، وولاة أمرهم الذين أولوهم الثقة ، فتلاعبوا بحقوق الناس .

إن مما يزيد الأسف أن يشترك بعضٌ ممن يُظن فيهم الصلاح وحسن السيرة - ربما بحسن النية وجهلاً بأحوال أولئك - أن يشترك مع أولئك اللصوص ، ويضعوا أيديهم في أيديهم ، فيصيبهم شئ مما أصاب القوم من سوء السمعة ، وقذارة السيرة ، و سوء المسلك .

تماما كحامل المسك ونافخ الكير ، ولكن الكير هنا جريمة تهدد أمن المجتمع برمته ، والصاحب ساحب ، لكن السحب هنا غير السحب هناك ، فالسحب هنا إلى بيع الدين بعرض من الدنيا ، وخيانة الوطن ، وخيانة الثقة وخيانة المجتمع .، وهي خيانات ، وظلمات بعضها فوق بعض ، بدايتها موت الضمير و نهايتها سوء المصير .

إن مجتمعنا والحمد لله ينعم بخير كثير ، وأمن واستقرار كبير ، إلا أنه كباقي المجتمعات لابد أن يظهر فيه شئ من تلك الصور القبيحة للفساد ؛ لذلك نذكر كل من يؤمن بالله واليوم الآخر ، ممن أبتلي بهذا البلاء، أنك مهما استطعت التحايل على الناس فلا تنسى أنك تحت عين رب الناس ، إنه معنا يسمع ويرى - سبحانه -. إن الحياة قصيرة ، ومهما بلغ الإنسان من العمر سيلقى ربه يوما ( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ) فحينها يقف المسلم أمام ربه حائرا ، في ذلك الموقف العظيم ، أمام السؤال الكبير حول حقوق الناس و تلك الثروة ، وهذا المال من أين أكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ .


نشر في صحيفة المجاردة في 8/2/2013

هل الوجه عورة ؟



منذ أكثر من عشر سنين مضت ، ثار موضوع النقاب . وهل هو واجب أو سنة ، وأثار فضولي في ذلك الوقت المختلفون حول المسألة كما يحدث اليوم ، فقررت البحث بنفسي عن المسألة في المراجع الشرعية من كتب الفقه والتفسير وشروح الحديث ، وقرأت كثيرا في المسألة من الجانبين ، وقرأت كتب العلماء كالشيخ المحدث الألباني وعبدالحليم محمد أبو شقة وعبدالكريم زيدان فضلا عن الاتصال بالعديد من طلبة العلم والعلماء في وطننا العربي الكبير وتكونت قناعة شخصية على أساس مرجعية شرعية أن وجه المرأة ليس بعورة . وهذه القناعة ليست فتوى ولا أعدها كذلك .

قد يعترض معترض ويقول تخصصك ليس في العلم الشرعي ، أعترف بذلك لكن كل ما قرأته وسمعته كان من علماء شرعيين ، وهذا لا يمنع من احترام الرأي المخالف وتقدير عرف المجتمع . 

اليوم عادت المسألة إلى الواجهة الإعلامية مرة أخرى ، وتصدى الشيخ الدكتور أحمد الغامدي- مدير هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكة المكرمة سابقا - بنشر أبحاثه الشرعية على الناس ، ولاشك أنه مقتنع تماما بما يرى وبما ينشر بحكم ما يملك من أدوات البحث الشرعي ، والمتأمل بعين الروية يرى أن الشيخ الغامدي لم يخرج من دائرة الشريعة ، وأن الخلاف في هذه المسألة قديم ومبثوث في كتب العلم وليس جديدا ، ربما صراحته وجرأته استفزت المخالفين ، لكن هذا لا يعني مروق الرجل من الدين وخروجه من الملة . وإعطاء المبرر للتهجم على الرجل . 

في تاريخنا الإسلامي كثير من قصص العلماء الذين اضطهدوا من أجل أفكارهم وآرائهم فالإمام مالك جُلد من أجل رأي ، والأمام أحمد بن حنبل سجن وعذب من أجل رأي ، والأمام ابن تيمية كذلك سجن من أجل رأي. "رحمهم الله جميعا" . 

ورأي الشيخ الغامدي كما يقول العلماء: هو خلاف معتبر ، فلماذا التجريح والسب والشتم والتهجم بشكل لا يليق بمسلم ؟ قالوا قديما : " لا إنكار في مسائل الخلاف " ، وقالوا أيضا : "خلاف الرأي لا يفسد للود قضية " فلماذا يفسد الود مع باحث شرعي قال برأيه واجتهد ؟! .فإن اصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر وحسابه على الله ، ويتولى العلماء الرد عليه مع الاحتفاظ بحق الأخوة الإسلامية .

نشر في صحيفة المجاردة في 19/12/2014

لاتحزني



هلت دموع الرحماء وتساقطت من الأعماق ؛ لما أصاب طفلة جيزان "رهام الحكمي ". طفلة في عمر الزهور تُغدر بدماء مسمومة و بوقاحة لامسؤولة ، ولك أن تنظر لمثل عمرها وقد حُقنت بالموت بلا ثمن ، لك أن تنظر إلى تلك الدموع وذاك الحزن وصوت الأنين بوقع الألم في عيون مثلها حين تذهب حياتها هدرا .

لاتحزني يابنيتي . فإن من اغتال طفولتك يعيش ويستمتع وينتشي بموت الضمير ، وأزمة الأخلاق الخانقة ، وهو الذي لم يشعر يوما بالمحاسبة ؛ ليصول ويجول كوحش كاسر بلا مدافعة أو مراقبة ، أو معاتبة ، ليكون له كل يوم فاجعة ، ومصيبة ليس لها راجعه .

لاتحزني يابنيتي . فهذا الفساد المستشري - من سوء الإدارة ، وقلة الكفاءة ،واليد المغلولة إلى الأعناق لمناطق بعينها ، والبذخ على مناطق أخرى - حطم الإنسان ، وقتله بدم بارد ، كمسخ مشوه عبث بحياته الفاسدون والمحتالون والرأسماليون والراقصون على جراح البائسين ورموا به كعجز نخلة خاوية .

لاتحزني يابنيتي . فلست أول ضحية ، وربما لن تكون الآخرة ، فكم دمر من آمال وسرق من أعوام وقتل من طموح وكم نحر الإهمال من أبناء المجتمع ، وكم عاث الجشع والفساد والتفاوت الطبقي المقيت ، في الأرض الخراب لاتحزني يابنيتي . لأن ما أصابك لم يكن ليخطئك ، وأن مع العسر يسرا ، وأن الله مع الصابرين ، كل ذلك إيمانا ويقينا ً بقضاء الله وقدره ، وأنت مؤمنة ، وكلنا مؤمنون بأن "من يعمل مثقال ذرة شرا يره " ، وأن دعوة المظلوم مهما تغافلها الظالم لا يغفل الله عنها، وهو القائل عز وجل : ( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين ) لاتحزني يابنيتي . فأنتِ في قلوب الرحماء ، وقد تعاطفت معك الناس كبارهم ، والدهماء ، وقد جابت قصتك أصقاع الأرض ، وعلمت بك كل المنظمات والهيئات الدولية والعالمية ، وأنتِ في قلوب القادة من هذا البلد ، ولا شك أنهم لك ناصرون ، وتأكدي أن الكل يقف معك ، القادة والشعب ، وشرفاء العالم ، والقلوب العظيمة ، والأيادي الرحيمة ، ومن قبل ذلك ومن بعده ثقي بأن الله معك فهو " يسمع ويرى " .


نشر في صحيفة المجاردة في 20/2/2013

اليوم العالمي للمعلم


مهنة التربية والتعليم من أجل المهن وأشرفها ، وحمل رسالة التربية والتعليم تحتاج إلى قدوات لها من العظمة والكرامة والنبل ما يسعها لحمل هذه الرسالة ؛ ولهذا قام بها أشرف الناس وأطهرهم من الأنبياء والمرسلين والمصلحين ، فكانوا القدوات والنجوم التي يستضاء بها في عتمة الأهواء ، ومفارق دروب الحياة .

وحين نُذكر القدوات نستلهم سيرة نبينا وسيدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم أعظم شخصية عرفها التاريخ، وأعظم قدوة على تعاقب الأزمان ، ولاغرو في ذلك فقد تحمل في سبيل الرسالة والتربية والتعليم أهوالا من المصاعب والمشاق ستظل نبراسا لكل من سار على هذا الطريق .

هذا الطريق المحفوف بالمخاطر وأشواك الآلام فمن التكذيب والتشكيك إلى الترهيب و الترغيب إلى البهت والاتهام إلى الحصار والتجويع إلى التهجير ثم إلى المعارك التي خاضها في سبيل نشر الرسالة وتربية الناس وتعليمهم وإرساء قواعد العدل والحق والنور.

كل هذه المصاعب لم تثن عزيمته صلى الله عليه وسلم ، ولم تفت في عضده بل زادته إصرار وتصميما حين أجاب بقوله : صلى الله وسلم ( والله ياعم لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته ) كل هذه التضحيات الكبرى ؛من أجل إخراج الناس من الظلمات إلى النور وحمل مشعل النور والإشراق لإضاءة الدروب المعتمة -_ وهذا الدور هو بعينه الدورالحقيقي للمعلم _ .

هذا الصبر الجميل العظيم الرفيق وهذه العزيمة الفذة هي مما نستلهمه من سيرة سيدنا وقدوتنا ومعلمنا محمد صلى الله عليه وسلم ونستلهم من سيرته العطرة الصدق والأمانة والرفق وهي صفات كل مرب ومعلم ومصلح أعد نفسه لهذه الرسالة وأخذ على عاتقه حمل هذه الأمانة لتصل دعوته وتبلغ رسالته ويكون أثره في الناس كبيرا ، لايقف في طريقه فقر مدقع ، ولا غنى مطغ ، ولاتتبع لشهوات أو ترف مهلك ومفسد .

في اليوم العالمي للمعلم يستلهم المعلمون تلك الصفات العطرة التي يرتكز عليها المربون وحملة الرسالة وكل من حمل هم تربية الناس وتعليمهم وتوجيههم وإرشادهم . ومن سار على هذا الدرب من المصلحين حتى يتحقق لهم وعد الله سبحانه .حيث يقول في سورة النور " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا "

نشر في صحيفة المجاردة في 9/10/2012

نحو غدٍ أفضل




يتفاوت الاهتمام بالبنية التحتية والمرافق العامة في المحافظات الصغيرة من محافظة إلى أخرى ، لكن في المجمل تعاني بعض المحافظات المتوسطة والصغيرة من نقص في خدمات البنية التحتية وقصور في خدمات المرافق العامة .

لو أخذنا مرفق الكهرباء في محافظة المجاردة والمراكز التابعة لها كمثال - وهو من أهم المرافق التي يجب العناية بها - لوجدنا معاناة حقيقة من أداء شركة الكهرباء ، فالانقطاع المتكرر ، وسوء الخدمة هو أكثر ما يميز خدماتها ، ومعاناة المجاردة والمراكز التابعة لها من شركة الكهرباء ممضة ومؤلمة ، وقديمة قدم الشركة، وقدم امتيازها المضني والبائس .

كثير من السكان يتحدث عن انقطاع متكرر، عدهُ أحدهم فبلغ أكثر من خمسة عشر مرة في يوم واحد ، ويتحدث آخرون بأنهم يمضون الساعات الطوال دون كهرباء ، وقد نشرت صحيفة المجاردة معاناة الطلاب وهم يستعدون للاختبارات النهائية تحت أضواء الشموع ، وهي معاناة ليست عابرة أو عارضة ، و ليست هينة ؛ فقد مضت السنون والناس على هذا الحال المؤلم ، وهذا الضيم المقلق المؤرق من شركة كهرباء . 

هذه الخدمة المتردية لشركة الكهرباء في مثال لإحدى المحافظات الصغيرة ؛ لها آثارها السلبية على كل شئ تقريبا فالمستشفيات تعاني من قصور هذه الخدمة ، والمدارس وشبكة الانترنت ، والأسواق التي تسجل خسائر في سوق المواد الغذائية القائمة على التبريد بمئات الألوف ، وهو ما يؤثر سلبا على الاستثمار بشكل عام في هذه المحافظات الصغيرة ؛ لتصبح طاردة لرؤوس الأموال والسكان .

ناهيك عن الناس الذين يلفحهم هجير الصيف بدرجة حرارة تفوق 47 درجة في أغلب أوقات الصيف ، وفيهم الأرملة واليتيم ، والمريض المستند على أجهزة مساندة ، والفقير المحتاج ، فبأي ذنب يحرم هؤلاء نعمة الكهرباء الحاضرة اسماً القاصرة خدمة ؟!

المحافظات الصغيرة بحاجة ماسة إلى بنى تحتية مختلفة : من شركات كهرباء و شبكات لمياه الشرب تشمل كل المراكز التابعة لها ، وشبكات الصرف الصحي - ولايخفى على أحد تلك المشكلة التي ظهرت في إحدى المحافظات التي اختلط فيها مياه بعض الآبار بمياه الصرف الصحي لانعدام شبكة الصرف - وايضا شبكات تصريف مياه السيول وتمديدات شبكات الغاز ، ومحطات لتنقية مياه الصرف ، ومعامل تدوير النفايات .

إن المحافظات المتوسطة والصغيرة في وطننا الكبير بحاجة إلى هذه البنى التحتية ، والمرافق العامة بشكل عاجل وسريع قبل أن تتحول إلى محافظات كبرى قاصرة البنى التحتيه ؛ فتنشأ كوارث بيئية تستعصي على الحل ، ولأن إسراعنا في بناء المرافق والبنى التحتية بأعلى معايير الجودة العالمية ، سوف ينهض بهذا الوطن ، ويسير به نحو التقدم والرفاه ، وهي رؤية خادم الحرمين الشريفين لبناء وطن وغدٍ أفضل .

نشر في 7/12/2013

رسالة من العيد




العيد رسالة سلام إنسانية تحمل في طياتها دعوة فرح وأمل ، وخروج من نظرة الاستياء والحزن على مواضع الألم والمآسي ؛ لأن هذا التركيز المؤلم ينشر سحائب الكآبة و يصنع اليأس ، ويحطم الهمم ، ويثبط العزائم .

إن رسالة العيد تأتي في وقت يحتاج فيه الإنسان تجديد النظرة للحياة ، تلك النظرة التي تحمل روح التفاؤل والبشر والأمل ، وصرف النظر إلى الجانب الجميل والمشرق في الكون والإنسان والحياة .

إن رسالة العيد تحثنا على الإحسان والتواضع ، و مواساة المنكسرين ، والوقوف إلى جانبهم ، ومد يد العون لهم وزرع الأمل على شفاه اليتامى، والأرامل ، والمرضى ، والمحتاجين لينعموا بحياة أجمل ، وهي رسالة للعطاء والرحمة والسخاء ، ورسم الإبتسامة في قلوب الفقراء ، وبذل المعروف في أعمال دائمة وخيرة ونافعة للمجتمع .

إن رسالة العيد رسالة محبة وسلام تحمل دعوة للتسامح والعفو ، وعودة طائر المحبة والصفح إلى أكناف الود والصفاء ، والبعد عن التباغض والتدابر والتحاسد ، إنها دعوة للنقاء والطهر ، ودعوة إلى الأخلاق الفاضلة النبيلة ، إلى الجمال والكمال الإنساني ؛ ليعود الاطمئنان والبشر إلى النفس المطمئنة المستبشرة ، بعد هيامها في مسارب القلق ، إن رسالة العيد تحمل كل معاني السلام والتسامح والفرح والإحسان لكل إنسان في هذا العالم . 


كل عام وأنتم بخير


نشر في صحيفة المجاردة في 8/8/2013

الملكيون






أن تمضي حياتك لتصنع فارقا حسناً في حياة آخرين فتلك نعمةٌ وسعادة ٌوسمو عظيم . تبدأ الأحلام بفكرة تشق عباب الحياة وتنمو بجهد صادق وتسقى بمزن الرعاية حتى يورق الأمل . هكذا أثمرت الأحلام العظيمة. نمت في أذهان العظماء ، وتحولت بإرادة الله إلى واقع ملموس بقوة الإرادة والعزم والتصميم والصبر والتضحيات ؛ لتغدق حياة الأمم .

"الفرسان الملكيون" قصة واقعية للتحفيز مستوحاه من كتاب " شوربة الدجاج للروح" لمؤلفيه جاك كانفيلد ومارك فيكتور هانس ، وقعت هذه القصة في أحد الأحياء الفقيرة والمهمشة في حي منهاتن في نيويورك ، المعروف ب..هارلم حيث الفقر المدقع والتشرد ، وسط غابة الثراء والمال في مانهاتن ، وهو حي يوصف بأنه أشد فقرا من أحياء مدن في العالم الثالث ، حيث يعيش طلاب مدارسه حياة التسكع والتشرد والضياع .

في ظل هذا التيه التربوي لطلاب الحي يحضر للمدرسة معلم لغة إنجليزية هو الأستاذ " بيل هال " ويُصدم لما يرى من مأساة الطلاب وحجم الضياع وغياب الأهداف ، وغياب القدرة على تحقيق الذات . طلاب ماتت آمالهم فازدادت حياتهم ألما وتشردا وضياعا وتسكعا .

بحث الأستاذ " بيل هال " عن اهتمام مشترك يصنع منه هدفا عاما يلتف حوله طلاب المدرسة ،وأثناء بحثه في الحي لاحظ فقيرا يحمل لوحة شطرنج ، هذه اللوحة قدحت فكرة لعبة الشطرنج في ذهن المعلم " بيل" المتميز في هذه اللعبة وبدأ يفكر في جعل هذه اللعبة هدفا يجمع الطلاب حوله .

وافق مدير المدرسة على افتتاح ناد للشطرنج على مضض لممارسة هذه اللعبة خارج أوقات اليوم الدراسي ، وكان أول ناد في الحي يفتتح لممارسة اللعبة ، غير أنه جوبه برفض الآباء تسجيل أبنائهم في هذا النادي .

لم يستجب له سوى 12 طالباً وكان مرد الرفض أن هذه اللعبة لا تحقق الشهرة ولا الثراء، وليس لها مستقبل في البلاد . ليصبح الطلاب المنتمون لهذا النادي مثار سخرية الآخرين . فلا فائدة ترجى من مثل هذه الألعاب !

واظب الاثنا عشر طالبا على الحضور ، وتولى المعلم أمر رعايتهم رعاية أبوية حتى أنه يقدم لهم وجبات الطعام على حسابه ، وتقدمت مهارات الطلاب في اللعبة ، وأخذوا بممارسة اللعبة في مباريات خارج الحي ، ومازال المعلم يتولى تدريبهم والإنفاق عليهم حتى أجرة التنقلات .

أخذهم الأستاذ " بيل هال " إلى نادي مانهاتن للشطرنج ، ثم اصطحبهم إلى نهائيات الولاية ، وبدأ الطلاب الذين كانوا يعيشون حياة التيه والضياع والتسكع يشعرون بوجود هدف في حياتهم جعلهم يلتفون حوله لتحقيق ذواتهم ، واختاروا لفريقهم مسمى ( الفرسان الملكيون ) وحقق الفرسان الملكيون المركز الثالث على مستوى الولاية ، وأصبحو جاهزين لنهائيات كاليفورنيا .

لقد أصبح النجاح حليف " الملكيون " وهم في طريق النجاح لم يصغ الفريق إلى همسات المثبطين بأنهم وصلوا إلى أقصى مايمكن الوصول إليه . كان هناك فعلا عقبات ليست سهلة في طريق الصعود ، وأهمها تواضع الإمكانات المادية واستطاع الأستاذ " بيل هال " جمع المبلغ والسفر بالفريق إلى كاليفورنيا للمشاركة في المسابقة القومية ، واستطاع الفريق التفوق على 17 فريق منافس ، وعاد الفريق إلى نيويورك متوجا بشهرة وجمهور وإعلام وكاميرات تتبع إنجازاته .

في إحدى اللقاءات في نادي نيويورك للشطرنج التقى أعضاء الفريق بأحد اللاعبين من الإتحاد الروسي كان قد حقق بطولة العالم في اللعبة ، وفي هذا اللقاء أضاءت فكرة مشاركة الفريق في المسابقات الدولية العالمية للشطرنج في روسيا عاصمة الشطرنج في العالم .

حاول الأستاذ " بيل " أخذ دعم المسؤولين في المقاطعة لكنهم رفضوا الفكرة بحجة أن هذا الفريق الناشئ لن يسطع تحقيق نتائج مع عباقرة الشطرنج العالميين ، لم ييأس الأستاذ " بيل" وبحث عن داعم للفريق وتبرعت شركت بيبسي كولا بمبلغ 20000 الف دولار وساهمت بعض المؤسسات ببعض الدعم المالي بينما تخلت المؤسسات الرسمية عن دعم الفريق .

كانت الخطوة الأولى في صعود الطائرة صوب روسيا هي الخطوة الأولى نحو تحقيق الهدف العالمي لفريق " الملكيون " ، وصل الفريق إلى موسكو وبدأ اللقاء بالفرق الروسية وبدى الأمر مخيفا في بداياته ؛ فهم أساتذة اللعبة في العالم ، وتأرجحت نتائج اللقاءات بين التعادلات والفوز في إحدى المباريات ، وعُد هذا إنجازا بكل المقاييس لفريق بدأ من الصفر من أحد الأحياء البائسة والمهمشة إلى فريق تتناول أخباره وكالات الأنباء العالمية .

عاد الفريق إلى مدرسته في منطقته المسكونة بالألم والفقر والتهميش ، لتنهال عليه العروض والعقود والإعلام والشهرة العالمية . وتوافد الطلاب من الأحياء المجاورة بكثافة يطلبون الانضمام للنادي الذي لم يستطع الموافقة على كل طلبات العضوية . ليبرز السؤال من صنع هذا الفارق العظيم في حياة أولئك البسطاء ؟ هل هي الكتب الدراسية ؟ بالطبع لا .

إنه الملهم الذي تناسى ذاته ، ليصنع فارقا في حياة البسطاء ، لقد استطاع المعلم بوضوح الهدف ،وقوة التركيز، وكبح طغيان أنانية الذات ، وقوة الإرادة والعزيمة ، والصبر، والأمل واستغلال القدرات ، أن يحقق انجازا ليس له فحسب بل لكل من حوله ، وأن يثبت أن هؤلاء الفقراء و المهمشين يمكن أن يصبحوا شيئا ،و بإمكانهم تحقيق إنجازات في كل المجالات، والتاريخ يسجل بمداد الذهب أسماء وأمجاد أولئك الذين تناسوا ذواتهم ، وعاشوا من أجل آخرين يخرجونهم من هوة السحق و ركام البؤس ، وظلام المجهول .

في إحدى اللقاءات التلفزيونية سُئل بعض أعضاء الفريق ماذا كانوا يفعلون قبل ظهور الأستاذ " بيل هال " في حياتهم ؟ فأجاب أحدهم : كنا نتسكع في الشوارع ونشعر بأنا لاشئ ، وأجاب آخر كنا نلتقط النقود بأي طريقة لتعاطي العقاقير المخدرة بين الحين والآخر ، وأجاب آخر والدموع تترقرق في عينيه " لقد استطاع الأستاذ " بيل هال " أن يقنع العالم بأننا لسنا حثالة وبإمكاننا أن نكون شيئا مذكورا " .

نشر في صحيفة المجاردة في 11/5/2013

عنف الأطفال بين الأسرة والمدرسة








عنف الأطفال أصبح هاجسا لدى كثير من الأسر والمربين في المدارس الابتدائية ،لهذا العنف أسبابه وقبل البدء في الحديث عن بعض المسببات لابد أن نعرج على تعريف العنف والفرق بينه وبين العدوان وبعض أسباب العنف المتعلقة بالأسرة والأخرى المتعلقة بالمدرسة .

تعاريف العنف كثيرة ومجملها يدور حول السلوك الناجم عن الأذى الشخصي وتحطيم الممتلكات وقيم المجتمع ، حين يعجز عن إيصال صوته بوسائل الحوار العادي وقديكون تعبيرا عن إحباط وفشل وقصور في استجابة المجتمع المحيط أما العدوان فأشمل وأعم من العنف لأن العنف وسيلة للتعبير عن الحالة الشعورية العدوانية . 

في الجانب الأسري : يرى كثير من الباحثين أن التنشئة الأسرية هي الأكثر تأثيرا في السنين الأولى من حياة الطفل ، فالجو الأسري هو المعلم والمربي الأول لمختلف أنواع السلوك وهناك دراسات أشارت إلى علاقة عدوان الأطفال بسلوك الوالدين العدواني وأثر السلوك العقابي المجحف في شخصية الطفل .

ويعد غياب الأب عن المنزل الغياب الطويل من مسببات العنف عند الأطفال ، حيث يؤثر ذلك بافتقاد القدوة ونقص الإشباع النفسي والعاطفي لدى الطفل، وأفادت دراسات علم النفس بأن الطفل ذا الأب الغائب، يواجه فعلياً صعوبة كبيرة في عملية تطور سلوكه الاجتماعي العام. وأضاف آخرون بأن غياب الأب كان سبباً في وجود مشاكل سلوكية وخلقية لدى بعض الأطفال , بحيث تميز سلوك هؤلاء العام بالفجاجة ( عدم النضج ) والعصبية والانحراف، أو بالضعف أحيانا ربما لتعودهم خلال غياب الأب أن يثقوا بالكبار من النساء دون الرجال. كما بينت بعض الدراسات وجود علاقة بين حالات غياب الأب والعادات السيئة وارتفاع نسبة الجريمة لكن هذه الدراسات لايمكن تعميمها .

والقسوة المفرطة والإفراط في الدلال يؤديان إلى شخصية متمردة وعنيفة ، حيث تحول القسوة الطفل إلى متقمص للشخصية القاسية ، فيعامل من حوله بنفس الأسلوب نتيجة للمعاملة التي تلقاها من الصغر ،ويقوم الدلال الزائد والحماية المفرطة إلى صناعة شخصية اتكالية لاتقوم بواجباتها على النحو المطلوب ، ويرى ذاته محور من حوله ومركز عنايتهم واهتمامهم وحين يتحول إلى مجتمع لايبادله نفس النظرة والاهتمام يتحول إلى شخصية عنيفة ومتمردة للفت وجذب الانتباه .

أما في الجانب المدرسي : فإن تكدس الطلاب بأعداد كبيرة في الفصول وفي مباني لاتفي باحتياجات الطلاب التعليمية والنفسية مع قصور بعض الخدمات المساندة يشكل ضغطا نفسيا على المعلم وبالتالي على الطالب ويترجم هذا الضغط إلى عنف مضاد للبيئة التعليمية ومرافقها . ويشكل تجاهل المشكلات داخل البيئة التعليمية وتأخر معالجتها مزيدا من تفاقمها وانتشارها .

ومما يؤدي إلى انتشار عنف الأطفال في المدارس قلة المرشدين الطلابيين ، ، وغياب الأنشطة اللامنهجية خصوصا في المناطق المكتضة بالسكان أو غياب الوسائل المعينة لهما ، سواء كانت مادية أو تدريبية ، ولا شك أن الأنشطة اللامنهجية ، لها أثرها الكبير في تخفيف العنف المدرسي وغياب هذا النوع من النشاطات يؤثر في انخفاض الدافعية لدى الطلاب ، ويؤثرفي القدرة على التعبير الحر ، وفي التنفيس عن الاحباطات وضغوط اليوم الدراسي ، وتعد الأنشطة اللامنهجية رافدا مهما من روافد التعلم التجريبي .

العنف لدى الأطفال له أسبابه المتعلقة بالأسرة والمدرسة ، وقد ظهرت بعض الدراسات المهمة في هذا الباب على سبيل المثال : الدراسىة التي قامت بها د. أمل الفريخ من جامعة الأميرة نورة ، ومازلنا بحاجة إلى مزيد من البحوث والدراسات النوعية بمستوى تلك الدراسة ؛ لمعرفة الأسباب والعمل على العلاج التربوي النفسي السلوكي ، أما إهمال هذا الجانب فسيفاقم المشكلة وربما تتحول إلى ظاهرة يعاني منها المجتمع ويصبح علاجها عسيرا .

نشر في صحيفة المجاردة 16/5/2014


استقدام الجريمة

بدأت وزارة العمل استعدادها لاستقدام مئات الألاف من العمالة البنجلاديشية ، وبحسب وسائل إعلامية فإن الوزارة سوف تستقبل ما يقرب من عشرة آلاف عامل وعاملة شهريا. هذا القرار لم يقابل بالترحيب لدى شريحة واسعة بل ووجه بالخوف والإرتياب من هذه العمالة على وجه الخصوص . فلماذا ؟

العمالة البنجلاديشية سبق إن عملت في المملكة ثم توقف استقدامها لأسباب متعددة أهمها أن سمعة هذه العمالة لم تكن على ما يرام ؛ لارتباطها بالجريمة وسوء المسلك ،والأعمال المشينة ضد المجتمع . 

صحيح قد يكون هناك حاجة ملحة للعمالة وبخاصة المنزلية ، لكن قرارا واحدا لحل جزء من مشكلة قد يولد العديد من المشكلات الاجتماعية ،ويسهم في نشر الجريمة بغير قصد وبهدد أمن المجتمع . قرار على هذا النحو يحتاج إلى مزيد من التحري والدراسة والضوابط المقيدة لتفادي أخطار نتائجه القادمة .

لقد تحدث الكثيرون عن أخطار العمالة البنجلاديشية ففي الدراسة التي أجراها الدكتور سلطان بن عبدالعزيز العنقري ونشرتها جريدة الرياض وُجد أن باكستان وبنجلاديش والهند سيطرت على معدل 38% بنسبة تفوق ثلث معدل الجرائم في السعودية . 

ومن خلال تجربة سابقة للمجتمع السعودي مع هذا النوع من العمالة (البنجلاديشية) كتب كثير من الإعلاميين وغيرهم عن خطرهم وتعاطي أكثرهم للجريمة ، وتداولت مواقع كثيرة الحديث عن جرائمهم ، والتي تنوعت بين الدعارة ، والسرقة والأشرطة الإباحية ، والبضائع المغشوشة والمقلدة ، وتنظيم مافيا السوق ، بينما تحدث آخرون عن جرائم المخدرات ، والقمار وتنظيم الليالي الماجنة ، وتمرير المكالمات ، وتبقى جرائم بتر الأعضاء ، وهتك أعراض الأطفال وجرائم كالاغتصاب ، واقتحام المجتمعات النسائية متنكرين بالأزياء النسائية ، والابتزاز من الجرائم المعروفة عنهم .

هذه الجرائم معلنة ويكفي القارئ الكريم أن يكتب في جوجل "جرائم العمالة البنغالية " ليرى حجم الجريمة التي ارتكبتها هذه العمالة في المجتمع ، ولك أن تشاهد أيضا برنامج 99 حلقة بعنوان " مكر الضيوف " على اليوتيوب لترى حجم الجريمة وهولها ،ويثبت بما لا يدع مجالا للشك أن جرائم هذه الفئة ليست حوادث فردية أو استثنائية أو من أعداد محدودة ، وإنا كنا لا نرى التعميم على أية حال .

إن دخول هذه الأعداد الهائلة من هذه الجنسية له أضراره المستقبلية الكبيرة على بنية المجتمع الديمغرافية ، والأمنية ، والاقتصادية إضافة إلى الإخلال بالتوازن بين الجنسيات مما قد يؤدي إلى سيطرة غير متوازنة. وصناعة لوبيات ضغط نحن في غنى عنها .

وقد راج في الأحاديث العامة أن الحكومة البنجلاديشية لديها خطة تصدير السجناء في بلادها إلى العمل في بلادنا وبقية بلدان الخليج التي تسمح بقدومهم، وإذا كان هذا صحيحا فقد ضربت الحكومة البنجلاديشية كل طيورها المجرمة بطائر الاستقدام وحصلت على تحويلات مالية ضخمة . 

ولذلك كان قرار وزير العمل السابق د. غازي القصيبي " رحمه الله " بإيقاف استقدام هذه العمالة قرار ا صائبا ، وما زلنا الآن نأمل من المسؤولين عن هذا القرار إعادة النظر فيه وأن لا يفتح الباب على مصراعيه لهذه العمالة الُمجربة .
ليس هذا عنصرية ضد جنسية بعينها بقدر ما هو حرص شديد على أن لا نساهم جميعا في استقدام الجريمة وهذا ما ستكفله بإذن الله الآليات والضوابط المشددة التي سيضعها المسؤولون لتكفل أمن وحماية مجتمعنا من انتشار الجريمة .
نشر في صحيفة المجاردة الإلكترونية  في 22/2/2015

دعوة للجمال





إن الله جميل يحب الجمال ، جمال الإنسان ، وجمال الكون ، وجمال الحياة . فجمال الإنسان بما يحمل من قيم خالدة الجمال ، من صدق وأمانة ، ووفاء وكرم ، وشجاعة ، وصبر ، ونبل وعفة . إنه جمال يرقى بالإنسان إلى درجة الإنسان الصالح الذي ُخلق في أجمل صورة بين المخلوقات منظرا وعقلا . ويرتقي الإنسان بالتقى والقيم ،والأخلاق الكريمة ، ويزداد جمالاً بنظافة القلب والضمير والمظهر .

وجمال الكون في آياته العظيمة الباهرة الحسن من البحار ، والأنهار والجبال والأطيار والأشجار والأزهار، فهي شاهدة على جمال هذا الكون ، وعلى إبداع الخالق سبحانه، فالكون آية في الحسن والجمال المثير ، لم تعبث به سوى أطماع الإنسان وشحه .

فشوهته بالتلوث المقيت ورسوم المباني القبيحة ، ومساكن قريبة الشبه بصناديق الطيور ، فلا جمال ولا روح معمارية معتزة تصبغ معالم المدينة . كل ذلك من أجل الكسب السريع ، متناسين حاجة الإنسان إلى منظر الزروع والأزهار وإلى الهواء النقي من تلك الزروع وإلى منظر الماء في نوافيره الرائقة ، وإلى طريق للسير على أقدامه يسير عليه كباقي البشر ، وتناسى أن الكون مبنيٌ على الجمال المترف ، وأن الله جميل يحب الجمال .

وجمال في الحياة : في السياسة والدين والاقتصاد والاجتماع ، فجمال السياسة بالحرية ، وأن يعيش الناس كما ولدتهم أمهاتهم أحرارا ، وأن تكون سيفا على الظلم نصرا للعدل ، وجمال " الدين " أن يكون بالحكمة والموعظة الحسنة ب " لا إكراه في الدين " ، وجمال الاقتصاد أن يكون المال دولة بين الناس فلا لايقف في يد فئة دون أخرى ، أو طبقة دون طبقة ، وجمال الاجتماع في السلم والبعد عن العنف والجريمة بشتى صورها ، والرفق والأناة واحترام كل للآخر برغم اختلافه ، والبعد عن كل ما يعكر صفو المجتمع من إثارة الفتن والدعوة إلى العنف والقسر . إن جمال الحياة في أن نعيش جمالها بألوانها وأصواتها واختلافاتها ، وأن نرسم لوحة جميلة للحياة مكتوب فيها إن الله جميل يحب الجمال .


نشر في صحيفة المجاردة 26/11/2015

رسالة الملك الراحل


بمداد من حزن ، ولوعة من حروف الأسى ، وبفيض الألم ولواعج الفراق ، وبمشاعر تكتبها المآقي بدموع الوجد على صدى ذكرى الملك الراحل ، ملك الإنسانية الذي أعتلى عرش المجد مدونا سيرته في ديوان الخالدين ، مهتديا بسنة الإسلام وسائرا على هدي الصالحين .

حمل رسالة الإسلام الخالدة ،وقام بمشعل القيم الذي اقتبس نوره من نور الرسالة المحمدية ؛ ليهتدي بنور الحق ، ويسير بالأمة على صراط مستقيم ، نحو النماء والبناء والنهضة ، متسما بخطوط عريضة ومضامين كثيرة يأتي في مقدمتها : 


إرساء دعائم السلام . لقد حمل لواء السلام والأمن والاستقرار ، في وطنه وفي الوطن العربي الكبير ، ودعا إليه في كل المحافل الدولية ، منطلقا من دعوة الإسلام والشريعة السمحاء ؛ لبناء الحضارة الإنسانية ، وإعمار الأرض . ولا يتأتى ذلك إلا بنشر السلام والأمن الدوليين . 

ويأتي العلم من ضمن أولويات الملك الراحل ومن أهم المضامين التي حرص عليها ؛ فاعتنى بنشر العلم والعناية بالمتعلمين على كافة المستويات - ومثل هذا المقال لا يتسع لتناول تلك الإنجازات العظيمة والهائلة في فترة وجيزة - و عمل على نشر التعليم الجامعي بشكل غير مسبوق ، وفتح الباب للبعثات في كل التخصصات ، وخصص الميزانيات الضخمة للتعليم ، إدراكا منه " رحمه الله " لقيمة العلم وأثر التعليم في بناء الأمم والشعوب ، وأن الأمم لا تنهض بغير العلم والعلماء . 

وكانت عنايته "رحمه الله" بالحوار عناية خاصة فهو مدرك لقيمة الحوار بين المختلفين في الداخل والخارج ، وأن الحوار ، يعزز مبدأ التسامح ،ويفتح أبواب السلم ؛ لذلك أسس مركز الحوار الوطني ليناقش المجتمعون فيه كل قضايا الوطن بمطلق الحرية .

بعد ذلك أسس مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان في " فينا " ليكون حدثا تاريخيا فارقا ، ونقطة بارزة في العلاقات الحضارية والإنسانية بين مختلف الحضارات في كل أنحاء العالم ؛ حرصا منه على المسلمين ، ونشرا لثقافة التعايش السلمي وتعميقا لثقافة الحوار ونبذ العنف والإرهاب والتطرف واستباحة الدماء . 

لقد كانت كلمته رحمه الله في مكة المكرمة 5-6/ ذي القعدة 1426 - عند تأسيس المركز في مكة المكرمة للخروج برؤية إسلامية موحدة للحوار مع أتباع والثقافات المعتبرة - تأكيدا لهذه المعاني الإنسانية وأن الوحدة الإسلامية لا يمكن تحقيقها بالتكفير واستباحة الدماء وإنما بالحوار والاحترام المتبادل .

لقد انتهج رحمه الله منهج الرفق والرحمة والرأفة برعيته في سياسته ، ووقف ناصرا وداعما للضعفاء والفقراء وذي الحاجة ، من خلال دعم المؤسسات المعنية بهذا الشأن ، فملك زمام القلوب ، واُطلِق عليه ما يستحقه من الأسماء مثل ، حبيب الشعب ، ملك القلوب ، وملك الإنسانية ، وكان حريصا على جمع الكلمة ووحدة الصف على المستوى المحلي وعلى مستوى الوطن العربي الكبير ، فسمي حكيم العرب ، ونال العديد من شهادات ، التقدير على أعماله الجليلة في مد يد العون من خلال المساعدات الدولية . لقد كان الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز ثاقبا في رؤيته ،عظيما برسالته التي حملت معاني السلام ، والعلم، والرحمة .

في الختام نتقدم إلى الأسرة المالكة الكريمة وإلى الشعب السعودي ،و إلى الأمتين العربية والإسلامية ، بأحر التعازي وصادق المواساة في فقيد الأمة ، ورجل من أعظم رجالها الملك الراحل "عبدالله بن عبدالعزيز" رحمه الله وغفر له . ولا نقول إلا ما يرضي ربنا "وإنا لفراقك يا عبدالله لمحزونون " .

نشر في صحيفة المجاردة بتاريخ 26/1/2015

من ذي الخويصرة إلى داعش

خروج الفرقة المسماة داعش ليس أمرا مستحدثا في التاريخ الإسلامي ، فداعش معتقد قديم وفكرة ودعوة تاريخية وتصور خارج عن جماعة المسلمين ومخالف لهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولذلك حذر منها عليه الصلاة السلام من بواكير الظهور . 

وقد ظهرت هذه الفرقة الضالة في التاريخ بأسماء عدة منها : الخوارج ، الحرورية ، المارقة ، المحكمة ، ...الخ تلك المسميات وصولا إلى داعش . وفي كل زمان تظهر باسم مختلف لكن المعتقد والأفكار والجذور والممارسات واحدة ، مع اختلاف الأدوات . 

وفي كل خروج لهذه الفرقة على أمة الإسلام يقف لها علماء الإسلام الربانيون بالمرصاد فيبينون ضلالها ويكشفون زيف دعاوها وعوارها ، و تبقى وتتمدد كأي فكرة أو دعوة مُضلِلة لها منظرون ومحرضون ومقاتلون ومحامون ومعجبون وجماهير . 

ومنذ أن وقف ذو الخويصرة التميمي أمام النبي صلى الله عليه وسلم يتهمه بعدم العدل حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفرقة المنحرفة فقال في الحديث الذي أخرجه البخاري (... إن من ضئضئ هذا أو في عقب هذا قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد). 


وقد خسر المسلمون بأفكار هذه الفرقة الضالة أثنين من الخلفاء الراشدين هما عثمان وعلى رضي الله عنهما ، واستمرت هذه الفرقة خنجرا مسموما في خاصرة الخلافة الأموية وبقيت معها في صراع وقتال مرير طوال فترة حكمها ، ومضت الخلافة العباسية على نفس النهج في قتالها أيضا . ذلك لأن هذا المعتقد المنحرف -عن المنهج النبوي و السنة النبوية المطهرة - مدمر لكل المعاني الإنسانية والثقافية والجمالية والعمرانية ، فسوطهم التكفير ، وموردهم القتل لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، ولا يرحمون طفلا ولا شيخا ولا امرأة ولا معاهدا ، حياتهم قائمة على التدمير والقتل ، والنهب ، والخراب . 

وخطورة هذه الفرقة عن غيرها أنها تدثرت بدثار السنة وتشبهت بأهلها وهي منها براء براءة الذئب من دم يوسف ، وهذا خطأ ترتكبه بعض وسائل الإعلام لخلط الأوراق باعتبار أن هذه الفرقة من أهل السنة وتطلق عليها الإسلام السني المتطرف . وهذا جهل وظلم وزور ، فأهل السنة لا ينهجون منهجهم ولا يعتقدون اعتقادهم في التكفير ولا يرون صوابهم . في نحر وإحراق الناس ، وتفجير المساجد ، والاعتداء على الآمنين و المعاهدين ، وقتل العباد وتخريب البلاد. 

ولهذا فالواجب على الجميع التحذير من خطرهم ، وبيان عوار فكرهم على كل قادر وبكل وسيلة ممكنة ، والحرص على الشباب من الانخراط في مهالك هذه الجماعات المهلكة ، فإن لهم طرقا ومواقع جاذبة وناشطة في إثارة حماسة الشباب وتأجيج عواطفهم وتوجيههم نحو سفك دماء مجتمعاتهم وتدميرها . وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الفرقة وتصدت لها كل دول الإسلام عبر تاريخها منذ نشأة تلك الفرقة عند ذي الخويصرة وصولا إلى داعش .
نشر في صحيفة المجاردة بتاريخ 24/6/1415

السبت، 4 نوفمبر 2017

سيد الطعام









ما هو  سيد الطعام ؟  تختلف الأراء والأذواق حول إجابة  هذا السؤال . وعند  البحث في السنة النبوية وأراء الأطباء والحكماء والاختيارات التعبدية  في الفدية والعقيقة والوليمة والأضحية وفي المناسبات الدينية والدنيوية  يبقى هو سيد الأطعمة والأدلة على ذلك كثيرة .

فى سنن ابن ماجه من حديث أبى الدرداء، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((سَيِّدُ طَعَامِ أهْلِ الدُّنيا وأهْلِ الجَنَّةِ اللَّحْمُ)).وفي إسناده ضعف  ومن حديث بُريدةَ يرفعه: ((خَيْرُ الإدَامِ فِى الدُّنيا والآخِرَةِ اللَّحْمُ)). وكان الرسول (ص) يأكل اللحم   من ذكور و إناث الضأن  والماعز وغيرها من بهيمة الأنعام .
.
قال الزُّهْرى: أكل اللَّحْم يَزيدُ سبعين قوَّة، وقال محمد بن واسع: اللَّحْم يزيد فى البصر،
ويُروى عن على بن أبى طالب رضى الله عنه:(( كلوا اللَّحْمَ، فإنه يُصَفِّى اللَّوْنَ، ويُخْمِصُ البَطْنَ، ويُحَسِّنُ الخُلُقَ))
،وقال نافع: كان ابن عمرإذا كان رمضانُ لم يَفُتْه ا للَّحْم، وإذا سافر لم يفته اللَّحْمَ.         


قال الغزالي في الإحياء ودل على حصول الإكرام باللحم قوله تعالى في ضيف إبراهيم    
إذ أحضر العجل الحنيذ أي المحنوذ وهو الذي أجيد نضجه وهو أحد معنى الإكرام أعني
تقديم اللحم وقال تعالى في وصف الطيبات وأنزلنا عليكم المن والسلوى المن العسل
والسلوى اللحم سمى سلوى لأنه يتسلى به عن جميع الإدام ولايقوم غيره مقامه ،
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : سيد الإدام اللحم ثم قال بعد ذكر المن والسلوى كلوا
من طيبات ما رزقناكم ، فاللحم والحلاوة من الطيبات
ومما يُذكر من حكم العرب قولهم : مَن تركه أربعين ليلة ساء خُلُقه ..


وقد تحدث الأطباء عن فوائده الصحية فالدكتور فوزي الشبكي أستاذ التغذية بالمركز القومي للبحوث بالقاهرة يؤكد  أن اللحم بشكل عام يتمتع بقيمة غذائية عالية حيث أنه يمد الجسم بالبروتينات والأملاح والدهون الضرورية. كما أنه يحتوي على الأحماض الأمينية الأساسية التي يحتاج إليها الجسم ولا يستطيع تخليقها.

 ويشير الشوبكي إلى أن الإنسان بحاجة من 50 إلى 60 جرام من البروتين يومياً، حيث تحتوي المائة جرام من اللحم على 20 جراماً من البروتينات وهو ما يعني أن المائة جرام من اللحم يوفر نحو ثلث الاحتياج البروتيني اليومي.

ويعتبر اللحم من أغنى الأغذية بالزنك والذي يدخل في بعض عمليات الجسم الحيوية الهامة مثل الحفاظ على حاسة الشم وتنظيم مستوى السكر بالدم ومستوى التمثيل الغذائي. ويعمل أيضاً على رفع المناعة ويساعد في سرعة التئام الجروح. كما أن اللحوم تُعد  أغنى الأغذية جميعاً بالحديد، الضروري للحفاظ على مستوى الهيموجلوبين بالدم وحماية الإنسان من أمراض فقر الدم. وهو كذلك مصدر جيد من مصادر العناصر المعدنية مثل الفوسفور والبوتاسيوم والماغنيسيوم والسيلينيوم وفيتامين ب و ثبت أن لحم الإناث من الضأن والماعز بارد من حيث الصحة على جسم الإنسان ، بينما لحم الذكور له خاصية الحرارة . .


من الظواهر الغريبة على المجتمع العربي الإسلامي  ظاهرة تحريم ما أحل الله من الطعام الحلال بغير مانع شرعي أو طبي . تسللت  هذه الظواهر مع الاحتكاك بالثقافات الأخرى المختلفة والتي ترى تحريم أكل اللحوم بالجملة استنادا إلى ثقافات ومسببات اعتقادية  مختلفة
.
وقد بدأت ظاهرة التحذير من أكل اللحوم عند طائفة في الديانة  البوذية والهندوسية  كنوع من التصوف المذموم وبعدا عن قتل أي كائن حي ،  ورددها بشكل ممجوج بعض المعجبين بهذه المناهج  ، وهو تحريم لما أحل الله بغير وجه حق .



 أما الغربيين فإن أضرار اللحوم التي يتحدثون عنها ناتجة عن طريقة ذبح الماشية لديهم ، التي لا تعتمد الطريقة الإسلامية في الذبح و طرقهم مختلفة عن المسلمين حيث يتم  تخدير  الحيوان  وقتله دون   أن  تفرغ اللحوم من الدماء الضارة  ولهذا تحدث الأضرار . .

وهذا ما أشار إليه كثير من الباحثين في أن من الضرر  ، أن تترك الدماء في جسد الحيوان دون خروجه من جسد الحيوان ، والأفضل أن يذبح الحيوان دون فصل الرقبة سريعا بل تترك لدقائق  ؛ والسبب أن الجهاز العصبي يرسل إشارات إلى القلب لضخ الدماء إلى الدماغ فيهتز كامل الجسم لضخ الدماء فتخرج خارج الجسم ‘ في حين أن  فصل الرقبة مبكر يجعل هذه الإشارات لاتصل إلى  القلب ولا يتخلص الجسم من كامل الدماء الضارة .

فالدماء من أخصب البيئات لنمو الجراثيم ، كما أنها تحمل هي بنفسها مواداً ضارة لجسم الإنسان ، ولو بقيت هذه الدماء في اللحوم بعد موت الحيوان مباشرة فإنها تكون بيئة صالحة وخصبة لنمو الجراثيم  .
كما أن ذبح الماشية على غير الطريقة الإسلامية  لها عواقب خطيرة على صحة الإنسان ، وذلك لأن الحيوان حين  يُضرب بهذا الشكل ؛  يموت موتاً بطيئاً ، وهذا الموت البطيء يكون سبباً في أن يفقد الغشاء المبطن للأمعاء الغليظة قدرته على حجز البكتريا الموجودة في الأمعاء الغليظة الموجودة في جسد الحيوان ، فتخترق البكتريا جسد الحيوان وتجد الدماء فتسبح فيها وتسير وتتفاعل معها حتى تنتشر في جسد الحيوان كله )

 وأسلم طريقة لتناول لحوم خالية من الدماء والبكتريا هي بالتخلص من دماء هذا الحيوان وإخراجها منه حسب الطريقة الإسلامية . .

لهذا فالإسلام لم يحرم هذه المادة الغذائية الهامة لصحة الإنسان ،  بل جعل لها ضوابط شرعية تضمن سلامة المنتج ؛ حفاظا على صحة الإنسان  ،. و جعل اللحم قرين الفرح والأعياد واختاره خاصة من كل أصناف الطعام ليكون تعبيرا عن شكر الله والثناء عليه في المناسبات السارة ،  وهذا في الديانات الثلاث .

أما البوذية والهندوسية ومن اتبع منهجها فهم يحرمون ما أحل الله بغير وجه حق وهو معتقد يدينون به . أما من ترك اللحوم بناءً على توصية  طبية فهذا ليس مقصودا بهذا  الحديث .يجدر الإشارة إلى توصيات طبية توصي  بعدم الإفراط في أكل اللحوم لكنها لا تنفي قيمته الغذائية الهامة . .








السبت، 12 أغسطس 2017

نداء المقهورين .. لخادم الحرمين يحفظه الله -








تصاعدت قضية طلاب الدبلومات الصحية وتحدثت عنها وسائل الإعلام المختلفة ، وبقيت وزارة الصحة بإذن من طين وأخرى من عجين . القصة باختصار لمن لا يعرفها هي : أن أكثر من 7000 الآف طالب وطالبة من خريجي الدبلومات الصحية التحقوا ببرنامج لوازرة الصحة مدته سنة ينتهي بالتوظيف ، وقع الطلاب العقود مع الوزارة واشترطت الوزارة أن يتركوا أعمالهم ورواتبهم المجزية السابقة نظير مكافأة 2000ريال كشرط للالتحاق بالبرنامج ،

وبدأ البرنامج بمنهج لغة انجليزية أعتمدته الوزارة لتدريس المتدربين ، بعد مضي 3أشهر اعتمدت الوزارة اختبارات بمعايير عالية جدا لا تتناسب مع المقرر المعتمد بحيث لا يتجاوزه الطلاب بحال من الأحوال من الذين درسوا منهج الوزارة المعتمد في الدورة ، بمثال بسيط : يشبه من درس طالباً منهج المرحلة المتوسطة ثم يقرر عليه اختبارات مرحلة الماجستير . هذا لب القضية إضافة إلى ضعف المكآفاة التي لاتفي باحتياجاتهم كموظفين . حاول الطلاب بكل الوسائل التواصل مع المسؤولين في الوزارة ولكن الوزارة ” سحبت عليهم ” كما يقولون .


السعودية مهد العروبة وأرض العرب والعربية لغتها الرسمية ، فلماذا يشترط بعض المسؤولين على أبنائنا للحصول على وظيفة بسيطة أن يكون إنجليزيا أكثر من الإنجليز أنفسهم ، لماذا هذه الشروط التعجيزية التي ستوجد شباب محبط ومقهور ، كيف لا وهو قد ترك وظيفته ، ولديه التزامات مالية وإيجار سكن وقروض سيارة وأبناء ثم يرمى به على قارعة الطريق دون أدنى مراعاة للجوانب الإنسانية ،

هؤلاء الشباب أكثر همهم الستر وخدمة أنفسهم ودينهم ووطنهم ومليكهم ، لايعرفون لغة الصفقات الكبيرة ، وأمسك لي وأقطع لك ، وهم ليسوا من الفلبين أو الهند أو بنجلاديش ومع ذلك يعطون فرصة العمل ، هم وطنيون وأبناء البلد نبتوا من هذه الأرض ودرجوا على ترابها وهم حماتها بدمائهم ، فاين يعملون إن لم يعملوا على أرضهم ، ومن يقبلهم إن لم يقبلهم وطنهم فهم أولى بأرضهم وهذا وطنهم ووطنهم كعرضهم يدافعون عنه بدمائهم  فهو من احتضنهم وأعطاهم ولم يرم بهم على قارعة الطريق .
هم يتحدثون وترى في أعينهم الإنكسار وفي حلوقهم غصة وفي صدورهم حشرجة وهم يتعوذون من قهر الرجال ، ليس لهم سند بعدالله إلا خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير الشاب محمد بن سلمان وطلبهم أن ينظر لقضيتهم مع وزارة الصحة فهم أكثر من 7000 شاب وشابة ينوى الرمي بهم على في سلة العاطلين ، دون هوادة . هذا ندائهم إلى خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله وولي عهده الأمين .

بعض مخاطر الألعاب الإلكترونية

بعض مخاطر الألعاب الإلكترونية


تعد الألعاب الإلكترونية وسيلة من وسائل الترفيه والمتعة والإثارة ، لدى الأطفال والكبار على حد ٍ سواء ، لكن هذه الوسيلة الترفيهية لم تعد ترفيها محضا ، ولا متعة بريئة ، فقد تخللها بعض الأضرار النفسية ، والجسدية ، فيما تؤدي بعض الألعاب إلى جر اللاعبين إلى ما لا يحمد .
توجد الألعاب الإلكترونية منذ أكثر من نصف قرن ، وتطورت وتشعبت وغاصت في دهاليز الأنترنت ، وتحولت في بعض الأحيان إلى وسيلة للتلاعب بالسلوك البشري .
جون هبسون مصمم موقع ألعاب إلكترونية تأسس عام 1997بدأ يحلل الجاذبية في الألعاب الإلكترونية في ضوء نظرية السلوك الشرطي المثبتة ، ويصف هبسون كيف يمكن الضغط على اللاعب مثل الجرذ من أجل الاستمرار في اللعب عند حصول المكافآت تحت ظروف معينة .
في كتاب ( تغير العقل ) تحدثت سوزان غرينفيلد عن بحث أجري عام 2002 على ما يقرب من 4000 لاعب وتوصل إلى أن أكثر الاعبين اعترفوا بأنهم يمارسون الألعاب بشكل مستمر لمدة 10 ساعات في الجلسة الواحدة وذكر البحث أن 15% منهم تسببت لهم الألعاب الإلكترونية في مشكلات دراسية وصحية أو مالية إضافة إلى مشكلات في العلاقات العائلية حين ينهج اللاعب السلوك الإدماني تجاه هذه الألعاب .
يرى كريغ أندرسون – وهو أستاذ ورئيس قسم علم النفس في جامعة ولاية اوهايو وأحد كبار الباحثين في مجال العنف المتضمن ألعاب الفيديو – أن الألعاب العنيفة تعزز العدوان المنخفض والزيادة في الميل تجاه السلوك العدواني .
والثابت أن الصورة تظهر علاقة واضحة بين ممارسة الألعاب العنيفة وزيادة الأفكار والمشاعر العدوانية ، بما في ذلك الجرأة على المخاطر كما يحدث في ألعاب السيارات وسرقات السيارات والحروب والقتل .
أما الأضرار الجسدية فقد تحدث باحثون أن مدمني الألعاب الإلكترونية يعانون من انخفاض كبير في نشاط المناطق الدماغية ، المتعلقة بالعمليات البصرية والسمعية ، وهو ما قد يضعف استجابة المناطق البصرية والسمعية في الدماغ .
وتعد ” لعبة الحوت الأزرق ” و هي لعبة قاتلة وفي غاية الخطورة ؛ لأنها تحث اللاعبين على الانتحار و تستهدف الشباب والأطفال وتنهي حياتهم منتحرين ، وقد و قعت حوادث مشابهة في كثير من بلدان العالم وبدأت بعض الحكومات في اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة مثل هذه الألعاب الخطرة .
وتبقى المسؤولية الكبرى على الأسرة ( الوالدين ) و الشباب الواعي في درء هذه المخاطر ، خاصة وأن الشباب والأطفال مقبلون على إجازة طويلة يمكن استثمارها بشكل أفضل .
محمد عايض آل عمر

الأربعاء، 1 مارس 2017

الصداقة النادرة



يسعد الإنسان بمن حوله من الناس ، ويشعر أن المقربين من حوله والذين يرتبطون معه بود تحولوا إلى أصدقاء لكن .. اختيار الأصدقاء ليس بالأمر الهين ، فالانتقاء ممن حولك هو انتقاء لصفات تحبها ،وأخرى محمودة بوجه من الوجوه .

 هذا الانتقاء قد يخونك أحيانا ، أذكر دائما البيت الشهير إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيم تمردا ، وتمردا هنا بالإساءة المقصودة الظاهرة أحيانا والخفية أحيانا أخرى ، هنا يتردى ذوو العاهات النفسية ويبرز ذوو النفوس العظيمة ، التي ترعى الود وتحفظ المعروف وتكف الأذى وتصون الصداقة .

 أما الأخرى فهي تستغل كل مناسبة سعيدة  لهذا الذي تدعي صداقته  للإنتقاص منه والنقمة عليه ، هذه المشاعر الرذيلة ينطبق عليها قول الشاعر يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب .


 إنها آفات النفس من الحسد والحقد والغيرة وتمني زوال النعمة التي تنتشر في بني البشر فمنهم يتغلب على هذا الصفات ومنهم  من لايستطع   السيطرة عليها فتظهر على لسان النقمة والإزدراء وتشويه السمعة أحيانا ،  بينما طيب النفس وسلامة الصدر ورد المعروف تبقى لدى القلة النادرة من الأصفياء الأنقياء وهم نادرون فإذا وجدتهم فاحرص عليهم أشد الحرص .

الحاجة للتفهم

  للضغوط النفسية العصبية   الشديدةأثر  بالغ في تهديد صحة الإنسان الجسدية والنفسية  بما فيها ضغط العلاقات الأسرية وضغوط علاقات العمل  المتوتر...