يعد الفراغ اليوم هاجسا كبيرا لدى شريحة من الناس وقد فاقمت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها العالم من ضغوط هذا الكابوس حيث رفعت معدلات البطالة بشكل غير مسبوق ، وشكل هذا الفراغ ضغطا نفسيا وماديا كبيرا على الشباب خاصة ، والباحثين عن العمل من القادرين عليه .
المجتمع الخليجي بشكل خاص لديه ميزة وفرصة ماتزال سانحة في سوق العمل تتمثل في الحرف اليدوية و المهن المختلفة ؛ برغم أن الحديث عن الحرف المهنية حديث مُثقل على بعض الشباب نظرا للخلفية الثقافية التي تنظر للعمل اليدوي نظرة إزدراء وهي نظرة جائرة ومسيئة لأهم الأعمال التي ترتكز عليها كافة المجتمعات ، ناهيك عن دورها الاجتماعي و الاقتصادي في رفع حاجة الباحث عن العمل في مقتبل العمر .
إن العمل المهني الحر للشباب الباحث عن عمل يمثل فرصة لاستثمار الوقت فيما يعود بالنفع ، ورفعا للحاجة و علاجا لقلة ذات اليد ومشاركة لأسرته في التكاليف ، وإعمارا للوقت وشغلاً للفراغ ، فالشاب الذي يهدر وقته بغير عمل جاد يهدر أثمن ما يملك ، وهو وقت كان يمكن أن يكون له ثمنه لو عمل عملا شريفا نافعا ، فقيمة الإنسان فيما يتقن .
إن الفراغ للقادر على العمل سبب في الفقر و العوز ، وهذا بدوره يولد الإحساس بالضعف والخوف وعدم الاستقرار والخضوع المهين والشعور بالملل والحزن والكآبة وانعدام الأمل وانخفاض مستوى تقدير الذات وربما الجنوح للعدوانية والإدمان والجريمة لا قدر الله ، ناهيك عن الأمراض الاجتماعية الأخرى .
العمل الحر - في الأعمال الحرفية اليدوية في البناء والحياكة والتسويق الزراعي والتصنيع المهني والنقل والعمل التجاري في المشاريع الصغيرة وغيرها الكثير ...للقادرين على العمل - يعين على سد فراغ الوقت ويدفع شبح البطالة ، ويخفف من حدة آثارها النفسية والاجتماعية حتى يتحقق أمل الشاب فيما يصبوا إليه من طموح ، ويمكن لغير القادرين على العمل على سبيل المثال السفر والقراءة والعمل التطوعي وتكوين الصداقات واللقاءات ....
إن الفراغ المقنن للراحة والاستجمام نعمة بلا شك ،لكن الفراغ الدائم الذي يحيل حياة الإنسان إلى فقر وفاقة وعدم إنما هو نقمة وعذاب و جحيم لا يطاق ، فحياة الفراغ الدائمة مملة وكئيبة وتشكل ضغطا نفسيا كبيرا و لهذا الضغط آثاره المدمرة التي لا يمكن تفاديها إلا بالعمل واشغال أوقات الفراغ.